الأربعاء، 30 يناير 2019

23 يناير 2019// أوطم// السجن السيئ الذكر بتازة// المعتقل السياسي: قاسم بن عز// الانتماء للنهج القاعدي:عندما تثبت الممارسة ذلك بجلاء خاص


23 يناير 2019

السجن السيئ الذكر بتازة
المعتقل السياسي: قاسم بن عز

        الانتماء للنهج القاعدي:عندما تثبت الممارسة ذلك بجلاء خاص


شكلت قضية التعليم واحدة من جبهات الصراع الملتهبة ما بين الجماهير الشعبية و النظام القائم مند الاستقلال الشكلي إلى الآن باعتماد الأخير لسياسة لا شعبية تستهدف القطاع و استجابة لإملاءات الرأسمال العالمي، عبر مخططات متعاقبة تحمل في طياتها خوصصة التعليم بشكل نهائي، و كثيرا ما كانت تتخذ أشكالا و تسميات مختلفة لكن بنفس الهدف تخفي مراميها بمساحيق الجودة و الإصلاح، و مع اشتداد أزمة النظام الخانقة و تصريفها على حساب تدمير قطاعات اجتماعية تدع ملايين الكادحين يواجهون مصيرا مجهولا حيث أصبحنا أمام مخطط شامل يهدف بشكل سافر و ممنهج القطع مع التعليم العمومي أو ما تبقى منه في إطار ما يعرف ب "الرؤية الإستراتيجية 2015 2030"، و لا يخفى  على  أحد مؤشرات تنزيلها التي بدأت تلوح في الأفق و تضع الجماهير الشعبية في مواجهة مباشرة مع النظام.
في نفس السياق تموقع القاعديون في خندق الجماهير رغم شروط الفعل المعقدة جراء تراكم المهام و تعدد جبهات المواجهة، و لم يقفوا موقف المتفرجين أو صفقوا يوما للطروحات التنازلية و الدعوات الانهزامية، و إنما تحملوا مسؤولياتهم ضمن هذا المسار و نجحوا في كسب الرهان الملقى على عاتقهم في قيادة الحركة الطلابية المغربية بإعطاء نضالاتها أبعاد تتجاوز أسوار الجامعة لتعانق عموم نضالات الجماهير الشعبية صاحبة الإجابة الفاصلة لا على قضية التعليم و حسب بل مسار التحرر برمته.
ولكي لا يتهمنا البعض بالكلام الأجوف و الاستعانة بالوهم، دعوني أذكركم بتفاعلي مع نجاح معركة الاضراب المفتوح عن الطعام التي خاضها رفاقنا في النهج الديمقراطي القاعدي في إطار معركة الحركة الطلابية داخل موقع ظهر المهراز فاس الموسم الفارط، آنذاك وضعت مقالا يحمل عنوان "ظهر المهراز جماهير تتحدى و رفاق مخلصين" لم أكن البتة أبالغ أثناء تفاعلي المتواضع مع المعركة أو كما قد يتبادر إلى الأذهان أنني أتحيز بفعل المرجعية  و الانتماء المشتركين مما دفعني لانتقاء العنوان أو قراءة المعركة بذلك الشكل، بقدر ما جاء تقييمنا انطلاقا مما تحصده الحركة من مكتسبات و نجاحها في تجاوز فترات صعبة في ظروف معقدة، و مكونات العنوان ليست جمل معسولة استعدادا منا لتوشيح أفراد معينين و إنما هي انعكاس لما هو حاصل في الساحة النضالية نفسها، إذ أن الروائع التي تقدمها الجماهير و وقوف القاعديين/ت في صفوفها الأمامية لهي برهان واضح على تماسك للرؤية المتحكمة في بناء المعارك و طرق تدبيرها بما يرقى إلى حجم الاستهداف المتواصل لمكتسبات الحركة، لذا فمكونات العنوان مرة أخرى ستظل الرهان الأبرز لتواجد القاعديين بالساحة الطلابية  و النضالية بشكل عام، فالتحدي و الإخلاص و تحمل المسؤوليات و الصعاب هي قناعات ثابتة راسخة في الممارسة و شكلت في المدرسة القاعدية لما يزيد عن أربعين عاما من تواجدها، ذاق خلالها  القاعديين أصنافا من العنف و تشديد الخناق و السجن و الملاحقات البوليسية المسعورة، تمرسوا وسطها و راكموا خبرة واسعة جعلتهم أكثر صلابة و تنظيما بما ينعكس إيجابا على قيادتهم العملية و السياسية للحركة الطلابية في اتجاه ما يخدم مصالحها عبر معارك متواترة متعززة بقاعدة جماهيرية وازنة.
ففي فترة زمنية قصيرة ستشهد مواقع تواجد القاعديين زخما نضاليا كبيرا حافلا بالعطاءات امتدت فيه واجهات النضال إلى جوانب عدة وتحققت خلالها مكتسبات مهمة، لا يسعها منا الحيز لعرض مجملها وتفاصيلها، نكتفي بالإضراب المفتوح عن الطعام المشار إليه آنفا و إضراب المعتقلين السياسيين القاعديين الذي أعقبه، و لا يخفى على الجميع الدور المحوري للحركة و المناضلين/ت طيلة أطواره لا سواء من خلال خطوات عملية و أشكال نضالية أعطت له إشعاعا واسعا، ولا كذلك من خلال الوقوف إلى جانب عائلاتنا في محنتها إبان تلك الفترة الصعبة بالتزامن مع مواصلة المعركة النضالية داخل الموقع ذاته، و تتويجها بمقاطعة الامتحانات  بالكليات الثلاث مؤخرا، تم على إثرها تحصيل جملة من المكتسبات و اجهاض مخططات تخريبية تجعل من الجامعة وعاء للاستثمار، و لعل أبرزها التراجع عن قرارات إقصائية سبق ل "رئاسة" الجامعة أن أعلنتها (قرارات 08 يوليوز 2015)، إرجاع خطوط النقل المباشرة، مقاطعة "شركة التدبير المفوض" للمطعم الجامعي مما دفع بالنظام القائم تقديم تنازلات كبيرة في العلاقة مع الخوصصة التامة للمطعم الجامعي بعدما كان الحديث عن الزحف على المطاعم الجامعية بالمركب الجامعي، كما استطاعت الجماهير الطلابية و مناضليها بتضحياتهم إقرار النظام بناء حي جامعي في نفس الموقع من شأنه وضع حد لحالة التشرد التي تعيشها طالبات ظهر المهراز بعد ترحيلهن إلى ضواحي سايس لما لذلك من آثار سلبية على مسيرتهن الدراسية، إضافة إلى بناء مدرجات و قاعات للتدريس و مرافق أخرى (انظر بلاغ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بخصوص نتائج الحوار)، مكتسبات تاريخية ربما كان أشد المتفائلين يضعها ضمن الأماني المدفوعة بالحنين إلى ذكريات الماضي، فلا بأس إذن بالعودة إلى هذا الماضي قليلا، ليس للبكاء على الأطلال و إنما العودة لتذكير المناضلين و منهم من سيشاطرني الرأي حول هذه المعطيات، فقبل سنوات استأثر اهتمام المناضلين نقاش حول وجود مخطط يرمي تشييد مشروع اقتصادي ضخم يمتد على طول منطقة ظهر المهراز- ويسلان بإقامات فاخرة ومركبات ترفيهية ذات طابع سياحي بالنظر إلى موقعها المتميز وقربها من مركز المدينة، وقد تم بالفعل مباشرة المشروع بدءا بتهديم الحي الصفيحي "باب الغول" تلاه الإجهاز على مثيله حي "الليدو"، لينتقل الأمر نحو المركب الجامعي بعد اغلاق جزء من الحي الجامعي ذكور سنة 2007، بالإضافة إلى جانب من كلية الحقوق....، مقاومة الحركة فرضت على النظام المرور نحو السرعة القصوى فجاء قرار إغلاق الحي الجامعي بأكمله وملحقته "الديرو" أواخر سنة 2013 وجس نبض الحركة قبل قرار مماثل باستهداف كلية الآداب بإغلاق مدرجات الطابق الرابع مع تقليص روافد جامعة ظهر المهراز وتحويلها إلى كلية سايس تزامنا مع تحديد العدد المسموح له التسجيل ببعض الشعب ذات الاستقطاب الكبير (علم النفس، علم الاجتماع، الفلسفة و الدراسات الإنجليزية) في 500 مقعد فقط لكل شعبة، و هو القرار الذي أجهض في حينه (للإشارة فاستهداف هذه الشعب بعينها جاء كذلك في سياق الحديث عن القضاء على شعب العلوم الإنسانية لعدم جدواها في نظر الداودي وزير التعليم آنذاك و زبانيته) تمهيدا لما سماه الوزير الظلامي إحداث مدينة جامعية بمنطقة عين الشقف، رد الحركة الطلابية لم يأتي متأخرا فانطلقت معارك قوية يتذكر الرفاق حجم العطاءات المبذولة و التضحيات المقدمة في هذا الإطار خاصة منذ مباشرة المبيت الليلي الموازي لأشكال نضالية مختلفة، عمد بعدها النظام إلى شن هجوم موسع  على الحركة و مناضليها و ألفت فيه أساليب إجرامية و حملات التسميمات و الادعاءات بغية ثني الطلبة و الطالبات و اعطائهم صورة مغايرة عن هذا الشكل النضالي الذي عرف التفافا كبيرا من طرف الطلبة و الطالبات و تعاطفا واسعا من لدن الرأي العام الوطني و الدولي، ليستعين أمام استمرار المبيت الليلي بآلته القمعية التي اقتحمت الجامعة مرتين على التوالي التي كانت الأولى في 05 مارس 2014 تحت جنح الظلام و الثانية في 28/29 مارس من نفس السنة تزامنا مع ندوة كان مزمعا عقدها تحت عنوان: "حركة 20 فبراير الواقع و الافاق و مهام اليسار الجذري"، فدمرت الأسوار و ألحقت خرابا شبيها بمخلفات الحروب داخل المركب الجامعي ككل، لكن الدفاع المستميت  و الوقوف بشموخ في وجه الإرهاب القمعي بعد مواصلة المبيت الليلي بقاعدة جماهيرية مضاعفة و نفس طويل و تنظيم محكم أصبح معه فتح الحي في وجه الطلبة على مرمى حجر،  جعلت النظام يعيد ترتيب أوراقه و هندسة مخطط أكثر إجراما لاجتثاث القاعديين،  ومن تم فسح المجال أمام مشاريعه المدمرة بتسخير صنيعته "العدالة و التنمية" و إعطائها الضوء الأخضر لتنفيذ هجوم غادر على المعركة النضالية في مؤامرة دنيئة خلفت اعتقالات بالجملة و عقود من السجن و تصفية الحي الجامعي بشكل نهائي لفرض أمر الواقع، لتتوالى بعد ذلك قرارات تصفوية و إجهازات واسعة على مكتسبات الحركة.
جدير بالقول أننا لسنا بصدد عرض تقرير أدبي عن محطات مشهودة يتحدث الحاضر عنها دون الحاجة لذلك،  لكن سياق النقاش أملى ذلك حتى نقطع الطريق أمام كل من حاول اتهامنا بالافتراء، فكل المعارك التي خاضها القاعديين بمعية الجماهير الطلابية بصرف النظر عن افرازاتها و التراكمات التي حققتها، لم تكن يوما محكومة بهاجس ملئ الفراغ و إنقاذ ماء الوجه كما يريد البعض تحويل أعمال هامشية رتيبة إلى أشياء عظيمة لتغطية خمولهم وجبنهم البورجوازي الصغير، و لم يقتصر الأمر على رسم برنامج للنضال بشعارات حماسية ولغة ضخمة مع الافراط في الخطابات الرنانة لكسب ود الجماهير و التملق لها، بقدر ما استهدفت هذه البرامج مصالح الجماهير و وضعها فوق كل اعتبار بالنظر إلى حجم الهجوم المتواصل على مكتسباتها، و قد استطاعت فعلا تحقيق نجاحات استثنائية في مواجهة هذا الهجوم و تجاوز فترات صعبة و ضربات موجعة لا تخفى على الجميع، و كما يتجلى مما ذكرناه فإن نجاح المعارك و الطفرات المتقدمة التي تحققها راجع لاحتكامها إلى قراءة سليمة لواقع الصراع بشكل عام ما بين اقطابه الذين يمكن اجمالهم في النقيض المسيطر و النقيض الشعبي، و عليه فإن تموقع الحركة الطلابية ضمن هذه المعادلة إلى جانب القطب النقيض و الأدوار التاريخية التي يجب ان تضطلع بها هو ما دعا إليه النهج القاعدي و يترجمه إلى اليوم عبر فتح النضالات الطلابية على آفاق أوسع تروم ربطها بشكل أوثق بعموم نضالات الجماهير الشعبية و هم واعون أن ذلك لن تقوم له قائمة إلا بنضال دءوب و متجانس تخوضه الحركة الطلابية ككل بناءا على برنامج واضح المعالم يرسم لها الطريق الذي يجب أن تسير فيه، يحمل في طياته مقومات الاستمرار و التماسك في ظل القمع الأسود و الحظر بالانغراس أكثر وسط الجماهير، إذن هنا نلخص كنه البرنامج المرحلي في تنظيم نضالات الحركة الطلابية المغربية و قيادتها لكي تحقق ذلك الالتفاف الذي ينبغي له أن يكون مع مهمات التصور السياسي العام الذي انبثق من رحمه هذا البرنامج في آخر المطاف وفق ممارسة منظمة و واعية ترسى على أسس ثابتة تترجم البرنامج تبعا للظروف و المستجدات مع تطويرها باستمرار و تعميقها بآليات مختلفة في أوسع الجماهير المناضلة.
وهذا بالذات ما لا يريد البعض استيعابه و نحن لا ندعو إلى البحث عن ذلك في مملكة الخيال، يلزم فقط النظر إلى الأرض لكي يستشفوا الدروس من المعارك الحقيقية و يكفيهم لذلك القيام بجولة قصيرة و فتح أدمغتهم لملامسة معنى الممارسة القاعدية في نوعية المعارك و طبيعة الأرضيات و المطالب المرفوعة للجماهير الملتفة حول المناضلين وتهب للنضال في كل حين وفي العلاقة التي تنتظم ما بينها و ما بين المناضلين القاعديين.
صحيح أن أطيافا عدة تلتصق بالقاعديين لا تكل من الإدعاء أنها تقف على أرضية البرنامج المرحلي على الأقل فيما يخص النضال داخل الحركة الطلابية و أن قيادتهم (الغير علمية طبعا) لها مبنية على هذا الأساس و هم في واقع الحال لا يكفون عن السير في منحى الداعين إلى حصر نضالاتها  و إدخالها غرف الانتظارية، فقد يختلف الشكل هنا بتوقيفهم لهذا الأساس المزعوم بعد تمديده على سرير "بروكروست" ليفعلوا فيه ما شاءوا حسب مزاجهم  و أهوائهم المتناقضة مع مصلحة الجماهير، و حشو عقول قواعدهم حتى لا أقول شيء آخر بشروحات وتفسيرات لا نجد لها أية رابطة بالبرنامج المرحلي، لتشرع بدورها هذه القواعد بعد تلقيها لدعم إنشائي رخيص مع التغييب القسري للحقيقة من طرف أساتذة فنون التنازل و الانحناء، مستظهرة بعض الجمل حرفيا يعرفها أي صحفي مبتدئ يغطي أحداثا بالجامعة مستعينين بفهم سياسي لا يمثل و لا يلزم القاعديين مع بعض النعيق و الصراخ ضد الرفاق بحجج هي بنفسها تلقي بهم خارج الفهم القاعدي، مرددين أن القاعديين ليس حزبا ثوريا.... أنه فصيل طلابي لا يجوز أن يتحرك إلا عند حدوث الرمشة الثورية... و هلم جرا من الادعاءات الكلامية (أعتقد أنهم بهذا يريدون من الرفاق النضال من أجل توفير الجرائد و مجلات الموضة داخل المقصف وتجويد نوع القهوة المستعملة داخله لارتشافها ربما مع سيجارة محشوة بأشياء غريبة....) و هذا الخطاب الرديء نفسه يتسلحون به و وظفوه لقصف المناضلين القاعديين كلما تعلق الأمر بمعانقتهم لإفرازات الشارع و تفاعلهم معها بأشكال و مبادرات عملية مهمة تهدف إلى مساهمتهم الفعلية في قيادتها نحو خلاصها النهائي في انحراف تام عن واحدة من  المهمات الأساسية التي دافع عنها النهج الديمقراطي القاعدي و جعلوا منها إلى جانب منطلقاتهم الأيديولوجية الماركسية اللينينية و تصورهم السياسي تصور الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية ركائز تواجدهم منذ القرن الماضي و محددات الانتساب إليهم.
لذا يحق لكل من يعشقون الثرثرة الجوفاء أن يتهموا كل من ينسجم مع هذا الفهم ما داموا يمتلكون الوقت لترويج افتراءاتهم بوقاحة لاستغلالها و استنساخ وابل من الاتهامات التقليدية و وقائع حصلت خارج الذات القاعدية و في سياقات معروفة بغية التغطية عن واقعهم المتأزم و انعزاليتهم القاتلة الناتجة عن تخلفهم على ركب النضال الآخذ في التطور و تحويله موقع بعينه إلى ما يشبه الجحر الساخن الذي يصعب التخلي عنه بالتهرب من المعارك الكبرى ذات النفس الطويل و الآفاق الرحبة ....    
                  يتبع


0 التعليقات:

إرسال تعليق