الأحد، 18 نوفمبر 2018

البرنامج المرحلي حقيقة و ليس أسطورة



البرنامج المرحلي حقيقة و ليس أسطورة


على إيقاع الفكرة ونقيضها نقص شريطا جديدا/قديما من التهجمات الرخيصة على برنامج الحركة الطلابية المغربية بقيادة النهج الديمقراطي القاعدي والذي يحمل في طياته الإجابة العلمية والعملية عن أزمتها الذاتية والموضوعية، حيث أن أصحابنا لم يكتفوا بالنوم السياسي على إيقاع "العهد الجديد" و "ديمقراطية العائلة العلوية" بل وجدوا لأنفسهم متسعا من الوقت للتهجم ونفث السموم كالأفاعي التي تختبئ في جحرها لتربية السموم وتغذيتها لتكون سلاحا ساما للمزيد من شل تطورات الحركة الطلابية خاصة في بعض المواقع الجامعية، كفاس ظهر المهراز، تازة، سايس، قنيطرة، وجدة، سلوان، أكادير،... لكن الواقع كفيل بالإجابة على كل الترهات كما يقول الرفيق كارل ماركس، حيث أن المواقع التي ظلت صامدة في وجه المخططات الطبقية وقوى الحضر العملي هي التي امتلكت فيها الحركة مقومات التحدي والشراسة التي أعطاها لها البرنامج المرحلي كمهام لها في عز الصيف والشتاء السياسيين، الذي دفع بأصحابنا إلى التغلف بجلد "الوحدة" وما إلى ذلك من المفاهيم المجردة التي لن تلقى طريقها إلى الملموس إلا إذا ارتبطت بهموم الجماهير ميدانيا، وحدة نضالية ميدانية، وهذا أمر غير مقتصر على هؤلاء بل يصيب بالعدوى حتى المكتفون برفع شعار البرنامج المرحلي دون فهم لمغزاه بحصره في الترديد الببغائي دون أدنى محاولة لإسقاطه ميدانا في الساحات الجامعية عن طريق تجسيده عمليا.
ومحاولة منا للغوص في الموضوع أكثر وحتى يتخذ النقاش مجراه الطبيعي نتقدم بهذا الرد على أحد الكتابات ــ المقال المنشور بالحوار المتمدن معنون ب" عن مهام الحركة الطلابية المغربية وفي نقد أسطورة ـ البرنامج المرحلي ـ" لصاحبه "مصطفى بن صالح" والذي ادعى من خلاله امتلاك قلم ليس كباقي الأقلام لإراقة حبر ذنبه الوحيد أنه وجد للكتابة والتعبير لكن شاءت أصابع صاحبنا إلا أن "تنطق كفرا بعدما سكتت دهرا"، والعمل جاهدا على ضرب الحقائق الميدانية المرصعة بدماء الشهداء، ولكن للأسف يبدوا و أن صاحب هذا القلم أراد قسرا دفع الحركة إلى فقدان ذاكرتها ناسيا بقصد أن الحركة وجدت في البرنامج المرحلي شفائها وبلسمها رغم أنف "دعاة التداوي بالأعشاب" و "الرقية الشرعية ".
يجب على صاحبنا و أتباعه أن يعلموا أن الجامعة المغربية هي أداة من أدوات النظام لأجل إعادة إنتاج نفس علاقات الإنتاج المأزومة والمتأزمة التي يكون هدفها الاستعجالي هو لجم تطورات القوى المنتجة ولن يتقدم التحليل إلا بإعطاء لكل مفهوم دلالته الملموسة وليس باستعمال ما تيسر من القاموس "الليبرالي" وما جادت به قريحة الفلسفة المثالية على صاحبنا من فضل وعطاء، وكذلك أن "الفصائل التقدمية" التي يغرد لها ويريد إطراب مسامعنا بهاته السمفونية الهاتكة لسامعيها، وكما هو معلوم ومألوف وبديهي عند كل مطلع على تاريخ الحركة الطلابية خاصة منذ فرض الحظر العملي على إطارها الإتحاد الوطني لطلبة المغرب بعد فشل المؤتمر السابع عشر سوف تظهر على الذات القاعدية التهابات متعفنة وكتقيح لبعض الأمراض الجانبية التي عانت منها الحركة في مرحلة 82ـ 84ـ تدعي لنفسها امتلاك الحل لأزمة الحركة الطلابية متجاوزة في تحليلها المغلوط من الأساس الذي أقحمت فيه نرجسيتها المتضخمة عنوة على الواقع بشكل موضوعي، لتشهر في وجه الحركة الطلابية أشياء حسمت معها منذ المؤتمر الخامس عشر لأوطم، حيث اعتبرت من خلال "كراسها العتيد" أنه لا مخرج للحركة سوى هيكلة أوطم بشكل لا جماهيري لا تقدمي لا ديمقراطي انسجاما ورغبة القوى الإصلاحية التي أصبحت في نظرهم تقدمية بين عشية وضحاها، والعمل معها على "أرضية حد أدنى" لأجل عقد المؤتمر الاستثنائي لتعديل موازين القوى لصالح الحركة...الخ.
إنه قمة العبث و التيهان الذي يصيب مرهفي الحس عند جزر الحركة لكن في نفس الوقت هناك من متعهم الفكر المادي الجدلي بالنظرة الثاقبة لأنهم يشتغلون في الحركة بالمنطق الدياليكتيكي لا المنطق الصوري فاستعانوا به لأجل وضع الحركة في سياق تجاوز أزمتها الذاتية والموضوعية، عبر صياغة البرنامج المرحلي سنة 1986ــ كتدقيق للبرنامج الديمقراطي العام وتكثيف للبرنامج المرحلي 82ــ الذي استطاعت من خلاله الحركة أن تحقق مجموعة من التراكمات، على سبيل المثال لا الحصر المقاطعة الشبه وطنية للامتحانات 88،89 وكل هذا ليس سوى إفراز بسيط ودليل عن مدى عمق وصحة الإجابة التي قدمها البرنامج المرحلي. في هذه الظرفية بالذات سوف تطفوا إلى السطح تقيحات أخرى متأثرة بالوضع العالمي خاصة "سقوط جدار برلين" وما تلاه من تطورات تدعوا إلى الهيكلة بنفس شاكلة "الكراس" و إن اختلفت في الشكل عبر ما سمته "بالحوار الفصائلي" و"اللجان الانتقالية" منزاحة بذلك عن النهج الديمقراطي القاعدي وتاريخه، و محاولة اغتياله باعتباره الوريث الشرعي للحركة الماركسية اللينينية المغربية، فأصبحوا يطرحون مجموعة من المواقف المبدئية محط تشكيك، خاصة سؤالهم التاريخي هل البرنامج المرحلي يجيب على القوى الظلامية ؟!! فكانت الإجابة بالنسبة للقاعديين على أنه ما دام البرنامج برنامج الحركة في شموليتها فهو يقدم الحل المنطقي والسليم في العلاقة مع القوى الظلامية كقوى للحضر العملي، لكن أصحابنا أرادوا دعوتها إلى "المقارعة الفكرية" وتبنوا معها الديمقراطية فكانت إلا أن أعلنت لهم نيتها "الطيبة والحميدة" عبر اغتيال "محمد بن عيسى آيت الجيد" سنة 1993 ــ في حين تسلح القاعديين وتمسكوا بشعارهم الخالد "نكون أو لا نكون"، إما نكون في الساحة الجامعية ومن موقع قوة مرفوعي الرؤوس وإما ألا نكون، فاستطاعوا الصمود في وجه الإرهاب الظلامي وكذلك تنقية ذاتهم التي حاولت اختراقها القوى الإصلاحية الجديدة التي اقتاتت على الحركة الماركسية اللينينية المغربية و ادعت زورا وبهتانا الامتداد لها لتشرب نخب النصر المزور في جماجم الشهداء، وظل في المقابل القاعديين يراهنون على الذات والجماهير ولا يراهنون على أحد مستعينين بالماركسية اللينينية مرشد للعمل وموجها نظريا لتقويم ممارساتهم على أرضية البرنامج المرحلي.
فالبرغم من كل هذا التاريخ المليء بالفخر للحركة الذي ظل مدافعا عنها كرافد من روافد حركة التحرر الوطني، إلا أن قلم صاحبنا استمر في الميلان إلى درجة السقوط في مهاوي نعت "نضالية الرفاق بإهدار القوى والجهد ...الخ" ليذكرنا بالمحاضر البوليسية التي تطبخ في كواليس "مخافر المخابرات" لأجل عزل المناضل و اعتقاله وتوفير كل الشروط لإدانته بسنوات طوال من الاعتقال، وهذا ما عانى منه النهج الديمقراطي القاعدي على مر سنوات تواجده بالساحات ولازال وهو ما يثبت قوته ومنطقه العلمي والعملي، إضافة إلى اتهام الرفاق بإذكاء النزعات العرقية وهو ما يعيد إلى أذهاننا ما تروجه القوى الشوفينية في عقول الطلبة المنحدرين من المناطق الأمازيغية بتغليط وتزوير للحقائق الميدانية من "قبيل أن القاعديين هم امتداد لحزب البعث القومي العربي في الجامعة، وهم بهذا ضد الأمازيغ ...الخ"، لكن سوف تظل الحقيقة ساطعة سطوع شمس يوليوز، فالقوى الشوفينية ليست سوى استمرارية للعنصرية كإيديولوجية برجوازية هدفها مشترك ومتداخل مع الرأسمالية التبعية بالمغرب المتمثل في تشويه حقيقة الصراع الدائر بالمجتمع المغربي ومحاولة إبرازه رغما عن المعطيات المادية على أنه صراع عربي ــ أمازيغي، و الدعوة إلى طرد العرب وقطع رؤوسهم ورميها في البحر الأبيض المتوسط ...الخ، والدليل الحي والبارز وهو التاريخ الحاضر وما قامت به هاته الأخيرة من سفك للدماء و اغتيال للمناضلين و وضع الكمائن للمزيد من الاغتيالات تحت طائل وذريعة "نبد العنف و استمرار الخطاب الأمازيغي" لكن صاحبنا ـ بنصالح ـ لا يكل ولا يمل لدرجة التعب حتى أصابه مرض النسيان" الزهايمر" فاختلطت عليه التقدمية بالرجعية والإتحاد الوطني لطلبة المغرب بالإتحاد العام لطلبة البوليس، فيحاول نسب أشياء لأوطم لا تعني الإطار المكافح من قبيل أن مبادئه الأربعة تسمح للقوى الظلامية، الشوفينية، الإصلاحية والفوضوية، للتواجد من داخلها دون حرج على أحدهم وهذا ضرب من الخيال وجريمة في حق الشهداء والتاريخ.
وفي الأخير فالأسطورة أسطورة والخيال خيال والطوباوية طوباوية، فالأشياء كما هي دون تزوير عند النهج الديمقراطي القاعدي أما عند صاحبنا فالعكس صحيح، إنه يحاول دفع الفكرة لتحقيق ذاتها عن طريق إستعمال أوطم كشيء وجد لتحقيق الفكرة لتنتقل من الفكرة بذاتها إلى الفكرة لذاتها، أما البرنامج المرحلي فهو الإجابة على واقع مأزوم وليس تقمصا لدور بهلواني كما يصوره بنصالح وآخرون.
فهد . مناضل قاعدي

0 التعليقات:

إرسال تعليق