السبت، 24 يونيو 2017

السجن المحلي بتازة ــ المغرب ــ في: 24 يونيو 2017// المعتقل السياسي: طارق حماني// كلمة تم إلقائها بالندوة الصحفية في أيام الشهيد والمعتقل.

في: 24 يونيو 2017
السجن المحلي بتازة  ــ المغرب ــ
المعتقل السياسي: طارق حماني
رقم الاعتقال:70421
كلمة تم إلقائها بالندوة الصحفية
 في أيام الشهيد والمعتقل



ملاحظة:
كلمة تم إلقائها في الندوة الصحفية ''الاعتقال السياسي ــ شهادات حية" باليوم الثالث من أيام الشهيد والمعتقل في نسختها الثالثة التي احتضنها موقع ظهر المهراز بتاريخ 10 ماي 2017.
مجدا وخلودا لشهداء شعبنا الأبرار. تحية لكافة المعتقلين السياسيين.
تحية نضالية خاصة للمعتقلين السياسيين والأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجون الكيان الصهيوني.
تحية نضالية حارة مرفقة بشارة النصر من خلف قضبان الزنزانة، إلى عموم المناضلين والمناضلات والجماهير الصامدة في ساحات النضال ومنها بالخصوص الجماهير المناضلة بمنطقة الريف.
تحية حارة إلى الحضور الكريم وكل المساهمين في كشف حقيقة الاعتقال وواقع المعتقلين السياسيين بسجون النظام الرجعي القائم ببلادنا.
في هذا اليوم الذي أتشرف فيه بالتوجه إليكم بهذه الكلمة المختصرة والمباشرة وأنتم تشاركون في هذه المحطة النضالية المرتبطة بقضية الاعتقال السياسي بالمغرب وواقع المعتقلين السياسيين بسجون الذل والعار، سجون النظام اللاديمقراطي القائم ببلادنا، في هذا اليوم الذي تكون قد مرّت أزيد من خمس (5) سنوات وشهرين على اعتقالي الذي تم في أواخر فبراير 2012، مباشرة بعد الخطوات النضالية النوعية للجماهير الطلابية بكلية تازة ومباشرة أيضا مع انتفاضة تازة المجيدة لشهري يناير وفبراير، وهو الاعتقال الذي تم على هذا الأساس وعلى هذه الخلفية، أي المساهمة النضالية وتحملي المسؤولية إلى جانب رفاقي والجماهير الطلابية في المحطات والأشكال النضالية تلك وأخرى خلال سنوات نضالي بالجامعة، سواء داخل الجامعة (الكلية متعددة التخصصات بتازة بالخصوص) أو خارجها خاصة الأشكال النضالية لحركة "20 فبراير"، وانتفاضتي تازة...، ودائما في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وفصيله اليساري الثوري النهج الديمقراطي القاعدي.
هذه الخلفية النضالية التي تم التمويه عليها من طرف أجهزة ومؤسسات القمع لتبرير الاعتقال والتحايل المكشوف على الرأي العام خاصة الذي لم يطلع على تطورات النضالات والأوضاع قبل وأثناء الإنتفاضة وداخل الجامعة، وهو ما يعني محاولة لطمس حقيقة الاعتقال عبر تلفيق تهم حبكت بعناية وفبركة لأحداث بعيدة عن حقيقة الخطوات النضالية الجماهيرية التي كان لي شرف المساهمة فيها، والتي تشبثت، ولازلت، بمشروعيتها وبحقي في المساهمة والمشاركة فيها بما ينسجم وقناعاتي النضالية التي لم يزد السجن إلا أن صلبها، بل أكثر من ذلك جعلني الاعتقال أقف على حقائق خطيرة، خاصة منها المتعلق بتدنيس إنسانية الإنسان، كثيرا ما كنت أقرأ عنها فقط. كما أنكرت في الوقت نفسه كل تلك التهم التي لفقت لي، ولازلت أتشبت ببراءتي منها والمناضلين والجماهير الطلابية بموقع تازة تعرف ذلك بشكل ملموس ومباشر أكثر من غيرها، وهذا ما يهمني وهو اقتناع المناضلين والجماهير المناضلة وعموم الأحرار بهذا، من هذه التهم ما ووجهت ببعضها أثناء التحقيق والاستنطاق تحت تعذيب جسدي ونفسي خطير انطلق منذ اعتقالي بمدينة فاس، حيث انطلقت في حقي حصص تعذيب خطير ابتداءا من اللحظة التي انطلقت فيها سيارة خاصة تم نقلي فيها من فاس إلى تازة على يد جلادين لم أرى وجوههم لكوني بمجرد إدخالي تلك السيارة تم تعصيب عيني بالإضافة أيدي المصفدتين بشكل جدّ مؤلم، ابتدأت الأسئلة المصحوبة بالضرب بواسطة عصى خاصة على مستوى الرجلين بالإضافة إلى الصفع والشد بقوة من الشعر...، واستمر الوضع على هذا النحو ليصير بشكل أكثر قساوة ووحشية بمخفر القمع بتازة (الذي كنت أجهل بأني أتواجد به في البداية) حيث استمر التحقيق لثلاث أيام متتالية تنوعت خلالها أشكال التعذيب وأساليبه ووسائله (الفلقة، الضرب بعشوائية، التعذيب بالأصفاد، غرز أشياء حادّة (أعتقد أنها كانت مسامر) بين أصابع القدمين، نتف شعر الرأس والذقن...)، إلى درجة أغمي علي من جراء التعذيب لأحمل على إثرها للمستشفى حيث تم حقني بحقن دون أن أعرف محتواها. وقد كانت أسئلة الجلادين المحققين مركزة بشكل أساسي حول الأشكال النضالية والمسؤولين عن تنظيمها وكيفية ذلك، وهذا شيء أساسي لكون بعض التهم لم أعلم بها إلا داخل قاعة "المحكمة".
لقد كانت المحاكمة جد صورية إذ غابت فيها أبسط شروط المحاكمة العادلة، حيث رفض طلب إجراء الخبرة الطبية لكشف التعذيب الذي تعرضت له والذي كانت آثاره بادية على مناطق من جسدي، كما تم اعتماد محضر "الضابطة القضائية" الذي أنجز بتوجيه قبلي وتحت تعريضي للتعذيب، وربطت فيه تصريحات تشبثت فيها بحقي في المشاركة في الأشكال النضالية للطلبة بالتهم الموضوعة على المقاس، كما منعت من الدفاع عن نفسي بالشكل المطلوب ومن حقي في توضيح الحقيقة من التهم المفبركة، وكذلك تشبثت  بمسؤوليتي في صفوف أوطم والنهج الديمقراطي القاعدي، وكذلك في انتفاضة تازة (يناير، فبراير 2012)، مع العلم أنه تم حرماني من حقي خلال التحقيق في حضور محامي إلى جانبي رغم مطالبتي بذلك، ولم يسمح لي بحقي في الإطلاع على المحضر المنجز إذ لم يتم نزع العصابة ''الباندا" عن عيني طيلة ثلاث أيام من التحقيق، وأشير كذلك إلى أنه تم تطعيم المحضر بمعلومات تم استخراجها من الرسائل النصية لهاتفي النقالين بعد إجراء الخبرة عليهما وكذلك أسماء بعض الأصدقاء، وهي معلومات عادية لكن أدمجت في المحضر بطريقة تناسب أهداف المحققين الجلادين. لهذا فمخافر القمع كانت وستظل دائما إحدى النقاط المظلمة التي تداس وتدنس فيها إنسانية الإنسان وتغتصب فيها أبسط حقوق الإنسان حيث يكشف النظام القائم عن طبيعته اللاديمقراطية عبر جلاديه من مختلف المؤسسات القمعية من خلال أساليب قمعية عدة حيث لا وجود فيها لتلك الشعارات والخطابات البراقة التي توهم متلقيها عن حقوق الإنسان التي يتشدق بها أبواق النظام بالمؤسسات الرسمية وأخرى غير رسمية، ونفس الشيء بالنسبة للسجون المظلمة.
حوكمت بست سنوات، أنا الآن أقضي منها العام السادس بالسجن السيء الذكر بتازة في ظل ظروف لا إنسانية، فبخصوص ظروف الاعتقال لابد من أن أبدأ بشكل أساسي من التعذيب الذي تعرضت له بالسجن المحلي بتازة بتاريخ 29\07\2012 من طرف جلادين موظفين، والذي كان استمرارا للتعذيب الذي تعرضت له أثناء التحقيق، إذ بمجرد إدخالي السجن المحلي بتازة ابتدأت التهديدات والاستفزازات في حقنا (أنا ورفاقي) إذ وضعنا في غرف مكتظة وتم افتعال وخلق مشاكل لنا مع معتقلي الحق العام، ليتم تتويج ذلك بتعريضنا لتعذيب جسدي خطير، عبر الضرب في مختلف أنحاء الجسم، علمنا فيما بعد أنه تم التمهيد لذلك التعذيب خلال أسابيع عبر رفع تقارير مزورة ومغلوطة مسندة بشهادات موقعة بأسماء سجناء عبارة عن شهود زور معروفين بالسجن كما هي معروفة مثل هذه الطرق التي يتم اعتمادها للجوء إلى تعذيب وضرب سجناء معينين، كما كان الحال معنا. وقد تعرضنا لهذا التعذيب خاصة من طرف موظفين اثنين وإن كان يتواجد موظفين آخرين اكتفى بعضهم بالمراقبة. والأخطر من هذا أن الشكايات التي أرسلناها إلى جهات معينة لازلت لحد الآن أجهل مصيرها. (وكنت قد راسلت أيضا بهذا الخصوص الفرع المحلي بتازة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان). وهذا يؤكد أن التعذيب ممارسة ممنهجة بالمغرب خاصة داخل المخافر والسجون، فكيف يعقل أنه مرت ما يقرب خمس (5) سنوات على ذلك التعذيب إلا أنه لم يبث في مصير شكايتي ؟.
في المغرب حتى داخل السجون توجد بصمة خاصة مميزة، سجناء قليلوا العدد يتابعون الدراسة وقلة قليلة منهم هم جامعيون ورغم ذلك فهم يوضعون في غرف مكتظة إلى جانب باقي المعتقلين. أني أتواجد الآن في غرفة مكتظة عن آخرها حيث تضم إلى حين كتابة الأسطر (21) سجين، مساحتها لا تتعدى حوالي ستة أمتار (6) على أربعة أمتار (4) عرض، مع حذف مساحة مرحاض يستعمل لشتى الأغراض حتى لملأ قنينات ماء الشرب، يملأ السجناء كل شبر من الغرفة موزعين بين أولائك الذين لهم أسِرّة والذين يملؤون المساحة المتبقية من الغرفة، وكلما أفرج عن سجين إلا ويتم تعويضه بسجين جديد في مكانه، ولكم أن تتصوروا الوضع اليومي بغرفة على هذا الشكل بهذا العدد من السجناء، خصوصا أنه لا توجد مساحة مناسبة للفسحة بالحي الذي أتواجد به، حيث أن مساحة ساحة الحي المثلثة الشكل جدّ صغيرة (قاعدة المثلث حوالي (10) عشرة أمتار وطول ضلعه حوالي (12) أو (13) متر) لا تكفي لا لمزاولة الرياضة ولا للاستفادة من الفسحة خاصة أن عدد نزلاء الحي يتجاوز 270 سجين مما يضطر أغلب السجناء المكوث بالغرف، ولهذا فهي تبقى مكتظة ليل نهار، علما أن مدّة الفسحة لا تتجاوز ساعة ونصف في الصباح والمدّة مثلها في المساء، وأشير هنا إلى أن عدد نزلاء الحي قد ارتفع بشكل جادّ بين 2013 والآن، إذ كان العدد ينحصر فيما يقارب 170 ليرتفع الآن إلى أزيد من 270 نزيل. وسأضيف هنا إلى ظروف الاعتقال ووضعيتي، التماطل في العلاج، إذ ولأزيد من أربع سنوات ونصف منذ انتابني موض بإحدى الكلي (حصى الكلي) ولازلت لم أعالج منه، مما يفرض عليّ التعايش مع آلام حادّة ومقاومتها بقواي الجسدية، هذه الآلام التي تنتابني بين الفترة والأخرى تجعلني طريح الفراش، ودائما عندما أسأل عن موعد العلاج أتلقى الردّ بكون الجهاز الخاص بالعلاج (التفتيت بالصدى) معطل بالمستشفى الجامعي بفاس، حيث لم أستفد طيلة هذه المدّة سوى من أربع حصص تفتيت (علاج)، لكن وضعيتي الصحية تبقى رهينة بمدى القدرة الجسدية على مقاومة المرض والصمود أمامه، هذا هو مغربنا يا أبناء شعبنا، حيث لا وجود لفرصة علاج من المرض، ولا وجود لفرصة عمل، ولا وجود لمقعد للدراسة، ولا وجود لشبر من الأرض تقف عليه للمطالبة بالحق.
إن ضريبة النضال في بلد غير ديمقراطي هي السجن والقمع بشكل عام مادّي أو معنوي، السجن والقمع بأشكال عدّة كضريبة لكل من كان مدافعا عن الحقوق المشروعة والقضايا العادلة لجماهير الشعب المغربي المستضعفة والمستغلة، لكل من انحاز إلى صف وصوت المضطهدين والمحرومين ببلادنا من عمال وفلاحين فقراء وطلبة ومعطلين ومهمشين بالأحياء الشعبية الفقيرة والمدن والمراكز الحضرية المنسية، والمرضى الذين يعانون أمام أبواب المستشفيات التي تفحص جيوبهم قبل أجسادهم المريضة، إلى صف الذين تلفضهم المدارس المكتظة الرديئة المستوى التي تخرج أفراج من أبناء الشعب دون أن يحصلوا على تعليم وتوعية ليستمر الجهل والأمية والخرافة والتقليد والامتثال والاستلاب ينخر جماهير الشعب... لكل من كان في صف هؤلاء وباقي جماهير الشعب فإنه يقاد إلى السجن أو يقمع أو يغتال أو يفصل من عمله أو تخلق له مشاكل مالية، أو أن تلصق به نعوت وأوصاف وإتهامات خطيرة مجانية قصد التشويه وإخفاء حقيقة قمعه واعتقاله. لكن وعلى النقيض من هذا، كل من قبل بالظلم وتجنب حشر أنفه في مآسي الواقع وكان غير مكترث بمعاناة الآخرين وخصوصا من الكداح والجماهير الشعبية، ومن ساهم في دعم حملة الزحف على حقوقهم المشروعة بشكل أو بآخر فإنه ـ رسميا ـ سيعتبر وطنيا شهما وغيورا على استقرار البلاد ومواطنا صالحا يستحق الثناء على الصمت والمساهمة الواعية أو غير الواعية في مؤامرة ضرب الحقوق العادلة للشعب. ربما من الأشياء الجميلة التي استطعت تحقيقها بالسجن، إضافة إلى البقاء على ارتباط بنضالات أبناء الشعب وإن بأشكال جدّ بسيطة، هي حصولي على إجازة في مسلك التاريخ والحضارة، بعد أن غيرت التخصص مضطرا من مسلك علوم الكمياء، والتي كانت ثمرة لجهد كبير ومضاعف في ظل الظروف القاسية التي أتواجد بها، وبفضل مساعدة الطلبة رفاق وأصدقاء، مساعدة مبدئية ولا مشروطة، خاصة عبر المحاضرات المكتوبة والكتب والتوجيهات، فتحية لهم ولهن دائما وأبدا، وتحية أيضا لأساتذتي الكرام ولكل من وقف إلى جانبي ودعمني بشكل أو بآخر وأنا خلف القضبان، وسأمدكم ببحث الإجازة في القريب لأقسمه معكم، مثل ما اقتسم معي أبناء الشعب آخرين معرفتهم ومجهودهم وعملهم الفكري والدراسي، وأتمنى أن يكون في المستوى المرجو منه. حرمت من التسجيل في سلك الماستر هذا الموسم، لكن الحياة في بلادنا عبارة عن معركة، ولا شيء في المتناول فقط الإقصاء والقمع. لذلك فإن تشبتنا بالنضال هو تشبت بالحياة، فبالنضال تعرفنا على معنى الحياة، معنى أن يعيش الإنسان كإنسان، وحقه المقدس في أن يعيش في ظروف ومجتمع إنساني، هكذا فالنضال بالنسبة لي مطابق لمعنى الحياة الإنسانية.
إنني لن أصمت ولن أتسامح مع الجلاد في أية درجة كان، لذلك فإنني اليوم وإذ أجدد فضح التعذيب والممارسات اللاإنسانية التي تعرضت لها أثناء الإعتقال وبالسجن وفضح الواقع المزري اللاإنساني الذي أعيش فيه، فإني ألجأ إليكم لفضح الجلادين، ولأعري وأكشف تناقض الخطاب الرسمي في مجال حقوق الإنسان مع الواقع القائم خاصة بالسجون، فما يتم الحديث عنه من دسترة المواثيق الأممية المرتبطة بحقوق الإنسان، واحترام حقوق الإنسان، كله مجرد خطابات وشعارات ديماغوجية بعيدة عن حقيقة الواقع، هذا الواقع الذي تغيب فيه أدنى الشروط التي يمكن أن نتحدث في ظلها عن احترام حقوق الإنسان، وعن إمكانية الإقتراب من تحقيق إنسانية الإنسان للشعب، حيث هنا التماطل في التطبيب أو العلاج والاعتقال داخل غرف مكتظة، وغياب مساحة كافية للفسحة فبالأخرى لمزاولة الرياضة والحرمان من حقوق عدّة وصولا إلى التعذيب الجسدي والتهديد به بين المرة والأخرى.

وتحية لكم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق