الأربعاء، 28 أغسطس 2019

السجن السيء الذكر: تولال 1 مكناس// المعتقل السياسي: عبد الوهاب الرمادي// في ذكرى الشهيد مصطفى مزياني: من يكرم الشهيد يتبع خطاه

السجن السيء الذكر: تولال 1 مكناس
المعتقل السياسي: عبد الوهاب الرمادي
في ذكرى الشهيد مصطفى مزياني: من يكرم الشهيد يتبع خطاه


بحلول 13 غشت من هذا العام، تحل الذكرى السنوية الخامسة لاستشهاد رفيقنا مصطفى مزياني، ونكون قد طوينا مسافة خمس سنوات على استشهاده، كانت غنية بالأحداث و المعارك الكبرى، بالنجاحات و العطاءات النضالية، وكذا بالتعثرات و الإخفاقات، تشكل أرضية خصبة لاستلهام العديد من الدروس و العبر، نرى أن أحد أهم أهداف ذكرى الشهيد تناول هذه الأرضية للإسهام في رسم آفاق المستقبل.
خمس سنوات على استشهاد المناضل القاعدي الفذ مصطفى مزياني في إطار معركة نضالية مشهودة، كانت بمثابة امتداد نضالي تاريخي لمعارك قافلة من الشهداء: سعيدة المنبهي،مولاي بوبكر الدريدي، مصطفى بلهواري، المسكيني، عبد الحق شباضة... معارك الأمعاء الفارغة المفتوحة على أفق الاستشهاد، التي لم ولن يقوى على خوض غمارها حتى النهاية إلا مناضلات و مناضلين هم من معدن الماركسيين اللينينيين، معدن القاعديين وهذا درس سياسي يؤكده التاريخ، ويسجله بمداد الفخر و الاعتزاز كلوحات خالدة من الصمود البطولي الملحمي، جسده مناضلون و مناضلات واجهوا الجلاد و الموت و صاروا نحو الشهادة بعيون مفتوحة ومعنويات عالية.
خمس سنوات مرت على اغتيال سياسي جاء كحلقة من حلقات مؤامرة 24 أبريل 2014، كمؤامرة إجرامية هدفت إلى اجتثاث النهج الديمقراطي القاعدي نفذها النظام و القوى الظلامية، بمشاركة و التفاف سياسي و إعلامي شامل ساهم فيه حتى المنتسبين زورا في صف اليسار الجذري و الثوريين المزيفين، ففي مشهد كاريكاتوري مخزي تلاقت مصالحهم جميعاً حول إقبار ذلك الصوت المزعج، الذي ظل متشبثا بخيار التغيير الجذري في الفكر و الممارسة، في ظل جو الانهيار العام و الركوع المخزي أمام النظام و أذياله، ظل متشبثا بقضية العمال و الفلاحين، ليس من باب الاسترزاق أو الترف الفكري و النظري المجرد، لكن انطلاقا من الارتباط الفعلي بالخط العام لحركة التحرر الوطني كضرورة تاريخية على طريق انجاز الرسالة التاريخية للطبقة العاملة، بالرهان على الجماهير المسحوقة صاحبة المصلحة في التغيير و تأطيرها لفرز فعل نضالي واعي، منظم و وازن وأبلغ تعبير على ذلك قول الشهيد "...سننتصر لأننا وسط الجماهير... سننتصر لأن الجماهير ستنتصر..".
خمس سنوات و رفاق و رفيقات الشهيد يواصلون المشوار تجسيدا لشعار"من يكرم الشهيد يتبع خطاه" خاضوا معارك بطولية طويلة النفس إلى جانب الجماهير و المناضلين/ات الشرفاء، و إلى جانب عائلة الشهيد و الصمود البطولي للمناضل الكبير "با محمد" و إلى جانب المعتقلين السياسيين و عائلاتهم التي آمنت بعدالة بقضية أبنائها، و لا زالت تواصل المشوار حتى الآن... مسار حافل تم من خلاله تحقيق العديد من المطالب و المكتسبات، مادية، ديمقراطية، بيداغوجية، و تم إحباط الركن الأعظم من المؤامرة في ظل الاستمرارية النضالية الوازنة و النوعية للنهج الديمقراطي القاعدي، لكن الدرس المر- الذي هو في الحقيقة ليس وليد الفترة الراهنة، بل هو معطى تاريخي- الذي هو في الحقيقة ليس كما كان في مستوى ما قدم، فالضريبة كانت غالية و التضحيات فاقت كل التقدير لكن النتائج لم تكن في حجم ذلك، إنها إستراتيجية الاستنزاف التي ينهجها النظام دوما، و الأكيد أن استيعاب ذلك و طرح سبل تجاوز الأمر سيقوي المسار و سينقل الحركة خطوات إلى الأمام.
لقد استشهد مصطفى مزياني لأجل الحق المقدس لأبناء الشعب في التعليم، هذا الأخير يتعرض اليوم لتدمير منظم لم يسبق له مثيل، و استشهد لأجل تحرر و انعتاق الشعب و الحق في العيش الكريم، هذا الشعب الذي تمتص دماؤه، و تفترس ثرواته وتستغل أبشع استغلال على يد الرأسمال العالمي وحليفه المحلي الكمبرادوري، حيث اقتحمت ضواريه كل القطاعات الاجتماعية و الاقتصادية، ولم تترك أي مسافة لأبناء الشعب غير العبودية المأجورة، و الاقتيات على بعض الفتات بما يضمن الاستمرارية على قيد الحياة، و السكن في الأحياء المهمشة و "البراريك" القصديرية و في أحسن الحالات في صناديق أشبه بالزنازين فيما يعرف ب "السكن الاجتماعي"، استشهد مزياني لأجل القضاء على كل أشكال القمع و الاضطهاد و الاغتيال و الاعتقال، و الآلة القمعية تستمر في حصد أرواح المزيد من الشهداء و تزج بخيرة المناضلين داخل السجون النتنة.
إنها أوضاع بائسة و مؤلمة هي واجهات للصراع و مستويات حقيقة الفعل الجذري، يعتبر الانخراط الفعلي في الاشتغال على هذا الوضع و عدم التواني في تقديم ما يتطلبه من تضحيات بمثابة الترجمة الحقيقية لشعار "من يكرم الشهيد يتبع خطاه" إنها مهمات نضالية كبرى تفرض نفسها بإلحاح، فكلما اشتدت شراسة النهب و الاستغلال، و تطورت طرق التخدير و مساحيق التجميل لستر بشاعة الواقع، كلما زادت صعوبات و تعقيدات المهمات النضالية، و لا خيار أمام من يدعي الانتساب إلى خط الشهداء، خط تحرر و انعتاق شعبنا سوى الانخراط و التضحية في سبيل ذلك.
خمس سنوات مرت على استشهاد رفيق الدرب مصطفى مزياني، لكن القضية لا زالت حية قائمة لأنها خالدة، أقوى من تقلبات الزمن، و يظل اسم هذا المناضل الكبير، نذكره و سنتذكره كرمز و نبراس للتضحية و الصمود، و مواصلة الطريق، أجيال و أجيال المناضلين/ت، بفضله و بفضل كافة الشهداء الأبرار تعلمنا و نتعلم الصمود في وجه الأعاصير الكبيرة و مجابهة الوقائع الأليمة، نتعلم كيف لا نسقط فريسة اليأس مهما تشابكت الدروب و اشتدت وطأة السجن و السجان، إنهم رفقاؤنا الدائمون منهم نتعلم أن لا مجال للاستسلام و إسقاط خيار المقاومة أمام الأعداء و الخصوم، حتى و إن كانت قوتهم و أجهزتهم و إمكاناتكم تفوقنا بكثير، منهم نتعلم كيف نسبح ضد التيار-تيار قهر الإنسان و إذلاله و استعباده- و نحن مقتنعون قناعة راسخة أن مجرى مياه التاريخ سيحملنا حتما إلى بر الأمان، إلى النصر، و لن يصل الجميع بل سيسقط الكثيرون شهداءً، و أنه شرف المناضل أن يساهم في صناعة هذا التاريخ، فتلك خانة لا يصنف داخلها إلا المناضلين الأقحاح.. مشاريع الشهداء.
المجد و الخلود لكافة شهدائنا الأبرار
الحرية لكافة المعتقلين السياسيين

0 التعليقات:

إرسال تعليق