الثلاثاء، 30 أبريل 2019

المعتقل السياسي مصطفى شعول// مؤامرةأبريل: الأسئلة الموجعة التي لم تطرح بعد ؟!


المعتقل السياسي مصطفى شعول

السجن السيء الذكر: "عين عائشة" -تاونات

مؤامرةأبريل:
 الأسئلة الموجعة التي لم تطرح بعد ؟!
                 
القاعدة عندنا حيث القتلة و المفترسون يحكمون، ويمتصون دماء الشعب تقول: من يغرد خارج السرب ينسف... يعتقل فيرمى خلف القضبان... أو يغتال ...ثم يقبر ليجبر على الصمت وإلى الأبد.
 الرفاق، هم معتقلون سياسيون... قاعديون الانتماء، محكمون بقضاء سبعين سنة داخل السجن.. هو حكم ثقيل وقاسي جدا، بكل ما تحمله الكلمة من معنى...و العبارة من دلالة...نعم دفنا في السجن هنا.. و دفن الشهيد مصطفى في القبر هناك... و بين هنا و هناك... عائلات مكلومة ومجبرة على دفن آلامها و جراحها و مآسيها في القلب و إلى الأبد. معتقلي مؤامرة أبريل، هم أولئك المناضلين الذين خرجوا عن الخطوط المرسومة من طرف النظام القائم والتي يحتكم إليها من كان قدره أن يكون "مغربيا" فكأنها نحو سيبويه الذي لا يراجع!!...اختاروا النضال ضد النظام و خارج سرب النظام...كانت و لا زالت مهمتهم أن يبنوا... و للنظام خبراء مؤامرة مهمتهم أن يهدموا...أن ينسفوا.
و بصفتي واحد من هؤلاء الرفاق الذين اكتووا بلهيب ألسنة التآمر الحارقة و ربما و بشكل مضاعف وددت مشاركتكم في هذه الأيام النضالية  أيام الشهيد و المعتقل في نسختها الخامسة المتزامنة و الأسبوع الأخير من شهر أبريل من كل سنة، حيث يؤرخ لتعرض النهج الديمقراطي القاعدي والحركة الطلابية بموقع ظهر المهراز بفاس لأخطر مؤامرة اجتثاث من طرف النظام، و القوى الظلامية، و بين هذا الماضي والحاضر تاريخ مسافته خمس سنوات من السجن، من الألم و والمعاناة، من التعذيب و الترحيل من سجن لآخر، من واد من دموع أمهات المعتقلين و الشهداء، من الجوع، من البرد.. من ملاحم بطولية و مواقف مشرفة.. من صمود ومواصلة الطريق… البقاء على قيد النقاء… ولا نقبل مواساتك. .. ولا تعاطفكم... و العزاء وحده لا يبلسم الجراحات النازفة.
أنا لا أخلد ذكرى مؤامرة...أنا أخلد معكم ذكرى مأساة أليمة …ذكرى محاولة إقبار توجه و حركة و مسار.. إذ لطالما وصفت مؤامرة أبريل بمأساة، لما تحمله هذه الأخيرة من عمق تراجيدي، ومن دلالات سياسية ترمز إلى المحن والصمود، وتبعات اجتماعية و إنسانية متواصلة و منحوتة في المكان و الزمان، وما خلفته من سنوات سجن طويلة مستمرة معها انفعالات و دموع و غضب و عواطف و آلام و مخاوف و آمال وسط المحيط العائلي و القريب منا، ولذا أعتبر بادئ الأمر، هذه الذكرى الخامسة فرصة تطهير -كتارسي catharesفردي، أو ربما جماعي، من أجل الاعتراف بنواقصنا و قصورنا، وتجاوز السلبيات وتدعيم الايجابيات و الانطلاق بنفس جديد ومتجدد، هذا من جهة، و كذلك من أجل تنقية النفس من انفعالاتها الضارة و صهر العواطف و توجيهها إلى خلق التوازن النفسي، والتخلص من الأفكار السلبية و الأحكام المسبقة بالعداء والتجني اتجاه الذات و الآخر، فرصة تنقية الروح... وهذا إذا أردنا أن نعيش الحياة باتجاه الأمام، فينبغي أن تكون لنا الجرأة على مفاجأة أنفسنا و واقعنا بقرارات تحدث تغير ما شريطة أن يكون التقدم إلى الأمام لا الوراء .
عودتنا إلى المؤامرة و السنوات الخمس التي مضت، ليس من باب الوقوف عند الألم ،طبعا أو محاولة منا تضميد الجراح العميقة بصوت عال ومسموع، عودتنا مقرونة لعودة أسئلة ، وسماها البعض أنها أسئلة موجعة لم تطرح، و تعمدت أن أضع عبارته كما نشيط هذا العمل، و يعتبر السؤال حول ما جرى بظهر المهراز يوم 24أبريل 2014،هل هو مؤامرة في حق القاعديين أم "جريمة قتل المسمى الحسناوي"؟ هذا السؤال المركزي الذي تتفرع منه أسئلة جزئية و تفاصيل أخرى سنتطرق لها في المستقبل القريب في الجزء الثاني من هذا العمل .
أسجل: أولا، هذا السؤال وغيره من الأسئلة، بالنسبة لي و للمعتقلين السياسيين ليس سؤال موجع، فعدم طرحه و التطرق إليه هو الوجع الحقيقي، و أتذكر أننا في بداية هذه التجربة الإعتقالية، طرحنا للنقاش التفاعلي المفتوح أسئلة أكثر دقة و شمولية و إحاطة حول ما جرى سواء فيما بيننا كمعتقلين سياسيين، وحتى مع الطلبة الزوار في قاعة الزيارة بالسجن المحلي "عين قادوس" بفاس، و نفس العمل النضالي قام به الرفاق على مستوى الجامعة و خارجها على جميع الأصعدة، كما أتذكر أننا تقدمنا إلى الرأي العام بمجموعة من الكتابات و الأعمال تدور أساسا حول موضوع المؤامرة و سياقها و أبعادها، و أستحضر أيضا عدة كتابات مهمة للعديد من المناضلين ما هي إلا مجهودات محترمة بفضلها تبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض لفئة عريضة من الرأي العام التي اعتراها الغموض و التشويه الذي قاده الظلام و النظام و الأبواق المأجورة، مع استمرار الاعتقال و موازاة مع المحاكمات الصورية، وفي إطار المزيد من الوضوح و التدقيق و تنوير الرأي العام، تقدمنا كتابة و بشكل جماعي بتقرير مفصل حول المؤامرة من ألفها إلى يائها، مع تضمينه التصريحات الخاصة بالرفاق المعتقلين السياسيين وعناصر القوى الظلامية، وكذلك موضوع الندوة الوهم مرفوقا بفصل خاص بالوفاة الملغزة للمسمى "الحسناوي"، وهذا التقرير يجيب على أسئلة الفضوليين وعشاق التفاصيل، ولكن وبعد مرور خمس سنوات من الاعتقال، وما حملته هذه المدة الزمنية من معطيات وشواهد جديدة وأدلة تؤكد صحة ما صرحنا به من حقائق و وقائع وما حذرنا منه من أبعاد وأهداف المؤامرة الرامية إلى تصفية المكاسب التاريخية و حرمان أبناء الشعب من حقوقهم المشروعة والعادلة في التعليم، نجد وللأسف فئة من البشر لا زالت تشتكي من الغموض رغم انفضاح المؤامرة و أهدافها الخسيسة التي أصبح جزء منها محقق في الواقع، ولهذا أعتقد أن طرح سؤال المؤامرة من لدن هذه الفئة يحكمه منطقين لا ثالث لهما، الأول هو أننا كرفاق معنيين بالأمر، قصرنا في عملنا وعجزنا على إيصال الفكرة الصحيحة إلى هذه الفئة و إقناعها و كسبها إلى صف النضال ضد النظام و الظلام، والثاني أن الواقف وراء حملات التجريم و الإدانة هذه، هي فئة ألفت اعتماد هذا الأسلوب التشهيري و العدائي للتنفيس عن أزمتها الداخلية وعزلتها الخانقة و كإعلان منها، كونها لازالت موجودة رغم أنها أضحت مستحاثه لا ينقصها إلا التحنيط و الدفن إكراما لها، فهذا هو مسار التاريخ ومن اختار معاكسته فقد اختار بذلك أن يعيش على هامشه.
إن الحاضر لا يتأسس من فراغ فهو بعض نتاج الماضي، فلا يفهم إلا في علاقة به عن طريق التفكير المتمعن في قيمة تلك العلاقة و هي إيجابية تتطلب الدعم أم سلبية تفرض التجاوز، ولا يوجد ماض كله سلبيات أو كله إيجابيات، فضلا عن أن عملية الفهم ذاتها لا تحصل إلا بتحويل الماضي من ذكرى وجدانية إلى معطيات تاريخية يمكن تقييمها موضوعيا، فإذا كان هذا الماضي غير مرفوض فينبغي أن يكون مقبولا من جهة كونه تجربة تضيء الحاضر، لا مرجعا يحتكم إليه أو يسعى إلى النسج على منواله، فالماضي فضاء تجربة بينما المستقبل فضاء توقع وطموح، فلا تناقض بينهما، إذا بقي كل منهما في حدود موقعه اللائق به.
 و المؤامرة كجزء من الماضي الممتد في الحاضر، في حلقات و أشكال متنوعة، كحدث مادي عاصف، جرى في الواقع وليس في الذهن و الخيال، حدث قريب له تضاريس و تفاصيل و دقائق، ملوث بسياقه الواقعي، فيستحيل قراءته معزولا أو بشكل مجرد ومتعسف قصد الخلوص للقراءة المريحة التي تعفي صاحبها عناء البحت وتقصي الحقائق من عين المكان و بشكل موضوعي و بالتالي قابلية التصريح بما شاء و حسب الطلب و قيمة العرض، و هؤلاء يشبهون طابور الأشخاص الذين يجلسون في محيط المحاكم الرجعية يمتهنون شهادة الزور مقابل المال، حيث أنهم مستعدون أن يجلسوا يصرحوا بأي شيء دون خجل ولا تأنيب ضمير، وهذه القراءة السياسية المعتوهة توهم أصحابها أن ما يمكن تصوره نقيا في الذهن يمكن العثور عليه أو تحقيقه بدرجة النقاء نفسها في الواقع وهذه الحقيقة تظهر جليا في تصريحات الشاهد المأجور الذي كان يحضر في المحاكمات الصورية، الذي كان يفشل مرات عديدة في تكرار نفس التصريح و بالتالي فضح بتصريحاته المتناقضة من جلسة إلى أخرى جزء كبير من المؤامرة.
نلمس العذر للعديد من الناس الذين انساقوا مؤقتا مع خطاب تجريم المناضلين، بسبب ابتعادهم عن تتبع الوضع في الجامعة والشارع عموما، وحملات التشويه و التحريض التي خاضتها كتائب الظلام و فيالق النظام ضدنا، وكل هذا شكل لهم عائق أمام الفهم و التحليل، لكن لا نجد لهم عذرا عن عدم إقدامهم على المراجعة و النقد الذاتي و تقديم الاعتذار للنهج الديمقراطي القاعدي و للجماهير المناضلة بعد مرور خمس سنوات من عمر المؤامرة و أصبحت كحقيقة مادية ملموسة الأثر، بدءا بالاعتقالات التي طالت الرفاق، والمحاكمات الصورية وما عرفته من تطورات و حقائق مثيرة وصولا إلى الأحكام الصورية و ناهيكم عن الآثار المدمرة و الأهداف التي ترجمت في الجامعة إلى وقائع... لكنهم مصرين على معاكسة الحقيقة رغم ارتطامهم بالجدار، الشيء الذي جعلني أتساءل معهم، هل أن توجيه أقلامكم السامة و قرع شفاهكم المتسخة ضد المعتقلين السياسيين و الرفاق عموما هو أمر أقل تكلفة و أسلم عاقبة من توجيهها ضد النظام و رموزه؟ أو ليس نقد الرفاق و التهجم عليهم و الطعن في شخصهم هو تجارة رابحة لكثرة أعدائهم و استعدادهم للنيل منهم بأي وسيلة كانت؟ كيف يعقل أن يكرس المرء مدة خمس سنوات من حياته للتهجم على المعتقلين السياسيين و إصدار الأحكام و الاتهامات المجانية في حقهم؟ واضح تماما أن مثل هذه الجرأة على الاتهام و التنطع لا يمكن أن تكون جرأة مناضل، مفكر حقيقي، و إنما هي جرأة "وكيل عام": إنها جرأة شرطية، وقاحة بوليس، و للأسف هذه الأحكام الرخيصة لا يطلقها أشخاص نجهلهم، بل كانوا بالأمس القريب  على مرمى حجر منا، و طالما طرحوا أنفسهم كنماذج لاقتداء بها في الفكر و الممارسة؟ ألا يتوجب علينا أن نرثي للحياة السياسية التي يكون نماذجها في هذا المستوى من هذه الطينة من الكائنات البشرية؟ إن الموضوعية لا تعني الحياء مطلقا، كما أن النقد لا يرادف بتاتا الهجوم و القدح و "أكل لحم أخيك" الميتة و غدرا، لأن النقاء الحقيقي لا يكافح ضد أشخاص بل ضد وقائع، و لهذا فمهما جند النظام من عناصر أو فرق مشبوهة و دعمها إعلاميا و ماديا و جعل منها ذيلا له و عكازة يرتكز عليها في الجامعة المغربية في ضرب الفعل النضالي الجذري و تعطيل المعارك و تعميق الحظر العملي على أوطم.... فإنها ستفشل أمام صمود المناضلين و كفاحية الجماهير الواعية بمصالحها، لأنها عكازات مصطنعة و موهومة و كراكيز عاجزة، إذ سرعان ما تنهار عند أدنى اختبار، فالتاريخ السائر إلى الأمام سيعصف بكل من يعاكس حركته و مسيرته التقدمية.
 إن ما حدث يوم 24أبريل 2014، بجامعة ظهر المهراز هو مؤامرة نفذت داخل قلعة ظلت حصينة على استهدافات الأعداء، فكما اجتاح الإغريق بحصان خشبي كبير كخدعة لاختراق أسوار مدينة طروادة للتنكيل بشعبها و القضاء على معالمها و إحراقها ... اجتاح النظام و صنيعته القوى الظلامية بحصان اسود مماثل لشرعنة هجومهم على القاعديين و الجماهير و معاركها البطولية و حجب الشمس على خيرة المناضلين لمدة سبعين سنة وراء السجون... و الهدف تمرير مخططات طبقية معادية لمصالح الشعب المغربي في حقل التعليم...و هكذا سرنا مثل طروادة و سكانها  لكن رغم الحصار الرهيب قاومت وظلت منيعة على اليونانيين و حلفائهم وقتذاك، و لم تخترق أسوارها إلى بالحيلة و المكر و الخداع و الدهاء، فحصان طروادة كان بمثابة السم في العسل، شكل بداية نهاية مدينة عظيمة في التاريخ، و بالمقابل قلعة ظهر المهراز حاولوا إقبارها بالتآمر و الإجرام و أساليب ماكرة، ف "وفاة الحسناوي" كان الجسر الذي وضعوه و مشوا فوق جثته لمدة أسبوع و هم يصدرون بيانات الوعيد و الاستكبار المرقمة، التي تستوحي مضامينها من سيفيات المتنبي للتظليل و التجييش للمشاعر لغير الغاية المعلن عنها، فيما كان هدفهم الحقيقي استئصال الخط الكفاحي لأوطم و القلب الذي يضخ الدم الطاهر في شرايين الحركة الطلابية، لكن مصير طروادة كان حزينا على مصير قلعة ظهر المهراز، التي رغم الجراح الغائرة التي أصابت جسدها انبعثت من الرماد كطائر الفنيق لتواصل فتح صدرها الحنون لاحتضان أبناء و بنات الشعب الفقير و المعدم وتلقينهم العلم والمعرفة و دروس في النضال و آليات الصمود و المقاومة الكفيلة بانتزاع الحقوق العادلة و المشروعة. وعليه فوفاة "الحسناوي" كانت القنطرة التي جرت تحتها وفوقها مياه كثيرة، إذن كيف ذلك؟ وما علاقة ندوة المجرم "حامي الدين" و إلغائها ثم الإعلان على وفاة "الحسناوي"؟ وما موقع هذا الأخير في إنجاح تنفيذ المؤامرة و تفاصيل أخرى.
يتبع...
انتظروا قريبا



0 التعليقات:

إرسال تعليق