لم
و لن ننسى السودان/ شعبها في عيوننا
إن الشعوب هي من
تصنع التاريخ، كانت ولا زالت فكرة تلقي بذاتها في الواقع الموضوعي القارئين له
بعين الذات لا الموضوع وحده - وهذا ما علمتنا إياه الماركسية اللينينية / علم
ممارسة وتوجيه الصراع الطبقي في كل مستوياته ومراحله، وبالضبط المفهوم المادي
للتاريخ بما هو قاعدة علمية للفعل الإنساني منذ مراحله الأولى وصولا لمرحلة
الرأسمالية في أعلى أطوارها الإمبريالية.
وغير بعيد، عن ما
وقع سنوات 2011، وما تلاها على مستوى المنطقة "بشمال إفريقيا والشرق
الأوسط"، الذي لم يكن مجرد هبة ريح وإنما عاصفة تطورت لإعصار أطاح بمجموعة من
رؤوس الأنظمة الرجعية الجاثمة على صدر الشعوب المقهورة و المقموعة، فدماء
البوعزيزي وجسده الذي أكلته نيران غلاء المعيشة قبل أن يلتهمه لهيب النار التي
أضرمها في جسده احتجاجا على ما آلت إليه الأوضاع بتونس وباقي شعوب المنطقة، المغرب،
ليبيا، مصر، الجزائر، السودان،... حيث خرجت
الملايين من الجماهير الشعبية لساحات وميادين النضال والمقاومة وسلاحها حناجرها،
وقابلتها الديكتاتوريات بالرصاص الحي و الاغتيالات و الاختطافات، ويعلم الكل في
المقابل كيف تم التلاعب بمصيرها في تلك الظرفية مستغلين غياب التنظيمات السياسية
الثورية باعتبارها أدوات الطبقة العاملة وحلفاؤها الموضوعيين من فلاحين فقراء وكل
المهمشين والمستغلين لأجل قيادة شعوب المنطقة نحو التحرر الوطني و الاجتماعي عبر
إنجاز الثورات الوطنية الديمقراطية الشعبية ذات الأفق الاشتراكي، ليعملوا على
تضبيب الوعي لتوجيه الجماهير الشعبية نحو مشانق الإمبريالية من جديد باستخدام القوى الظلامية كتجلي وإفراز للأزمة
الرأسمالية وكورقة رابحة للحفاظ على مصالحها
بالمناطق المنتفضة والثائرة ضدا عن الواقع اللاإنساني، وهو ما دفع وأدى إلى تراجع
المد الجماهيري عبر القمع و الاغتيال، والحرب الديماغوجية المستعملة من طرف القوى
الظلامية التي بدت في الوهلة الأولى للجماهير الشعبية "كقوة ثورية مخلصة من
الظلم والقهر"، و الذي سرعان ما انكشف دورها ووجهها الحقيقي بهذه البلدان،
بعدما قضت الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة وطرها منها، بتأمين تواجد قواعدها
العسكرية وشركاتها الفلكية العابرة للقارات.
فما أشبه اليوم بالبارحة، فها هي الجماهير الشعبية بالسودان تخرج عن بكرة
أبيها مالئة شوارع المدن و القرى و المداشر، مرددة لشعارات ثورية أبرزها الشعار
التاريخي و الملهم لكل الكادحين "الشعب يريد إسقاط النظام"، والذي لم يكن
في حسبان نظام البشير وحاشيته ولم يخطر على بالهم بعدما اعتقدوا أن جرائهم قد
طالها النسيان ودفنت مع الشهداء منذ انقلابه العسكري سنة 1989 على "حكومة
الصادق المهدي" بمساعدة الإمبريالية الغاصبة لطموحات الشعب السوداني في بناء
نظام وطني ديمقراطي، وطن يتسع لجميع السودانيين و يستفيدون من خيراته.
نظام البشير هذا قام و لازال بجرائم لا تعد و لا تحصى
لدرجة أنه متابع من طرف "محكمة العدل الدولية" بتهمة "جرائم حرب"
بعد اغتياله لأزيد من 500 طالب عبر تنظيماته الظلامية (الكيزان
) و إبادته لانتفاضة شتنبر 2013 باستعمال الرصاص عبر آلته العسكرية
التي لا تعرف الرحمة، حيث أسقطت عشرات الشهداء و كان مفجر الانتفاض الزيادات الصاروخية في أسعار المحروقات
.
و اليوم يستمر في ذات النهج و المسار كخادم أمني لمصالح
البرجوازية العميلة وحلفائها بالخارج، مما جعل الاستغلال يتفاقم ليصل لمنعرجات
خطيرة في السنة الأخيرة توجت بانتفاضة يناير 2018، التي بدورها واجهها و قابلها نظام
البشير المجرم بالدم والنار، غير مدرك أنه ليس كل مرة تسلم الجرة، فالمجرم الأن يقترب من مشانق الجماهير المنتفضة
بالسودان ليجد نفسه في عزلة خطيرة رغم السرقات التي نفذها لصالح اللصوص الكبار، لتنطبق
عليه مقولة الثائر العظيم تشي غيفارا:"الذي يخون وطنه كمن يسرق أبيه ويطعم
اللصوص، لا أبوه راضي عليه و لا اللصوص شاكرين
له على ما قدم لهم". و يبدو معه أن كل البوتيكات السياسية الإصلاحية و
الرجعية لن تستطيع الوقوف أمام عاصفة الشعب الجبار.
دجنبر 2019 شاهدة على حدث ثوري عظيم بالسودان، نقطة انطلاقته منطقة عطرية، قابلته
الممارسات القمعية المعهودة من اعتقالات بالجملة و اغتيالات كثيرة وصلت لأزيد من 900 معتقل وأكثر من 40 شهيدا لحدود
كتابة هذه الأسطر.
سوف تظل الجماهير المقهورة تناضل
و تقاوم لتبني صرح الإنسانية بالسودان و غيرها، لا نظام البشير ولا الأنظمة الأخرى
سوف تظل و إنما ستستمر الجماهير المنتفضة تنقب وتبحث عن مجتمع تسود فيه الحرية، الكرامة
و العدالة الاجتماعية.
في الأخير نحيي نضالات الشعب
السوداني المغوار الذي أبان مجددا عن طينته، و كما ندين جرائم نظام البشير في حقه
و كذلك الصمت والطوق المضروب لكسر شوكة الانتفاضة العظيمة التي تقودها الفئات
المفقرة و الكادحة، وندعو كل شعوب العالم إلى الانتفاض وعدم ترك الشعب السوداني
يقاوم لوحده رصاص العدو.
ناصر. مناضل قاعدي
0 التعليقات:
إرسال تعليق