الأحد، 30 ديسمبر 2018

جريمة إفران.. ويستمر النزيف



جريمة إفران.. ويستمر النزيف


إن المطلوب لم و لن يكون يوما ما مسألة "تضامن" أو إعلان الحداد و ذرف الدموع أو
تدوينات فايسبوكية، أساسها دغدغة العواطف وغالبا ما يتباهى أصحابها بعدد الإعجابات، فالحقيقة أن كل هذا لن يرجع المفقودين ويوقف كل هذه المآسي أو يحد منها، و لن يكفي لإقناع طفلة بريئة أن أمها الحنون التي كانت ترافقها كل يوم إلى باب المدرسة في عز أيام البرد القارس و الشتاء، لم تعد موجودة و غادرتها/غادرتنا إلى الأبد، فكيف لعقل صغير يا ناس أن يستوعب فكرة فراق أقرب الناس إليه وبهذه الصورة المرعبة، قطع الرأس كما تفعل "داعش" اليوم، جريمة أخرى هزت كيان ومشاعر شعبنا، الذي أصبح واقع حياته اليومية يتعايش مع السواد والظلام، جرائم وحشية يذهب ضحيتها الأبرياء من أبناء الشعب للقبور ويكون في بعض الأحيان منفذوها ضحايا مصيرهم إكمال ما تبقى من حياتهم بالسجن والمعتقلات، عقول من كثرة تهجينها و دبلجتها المغلوطة جراء سياسات إجرامية مدروسة يريد من خلالها أصحابها إنتاج واقع مجتمعي مريض لإحكام السيطرة على الشعوب بزرع ثقافة الخنوع و الاستسلام و الانبطاح، مظاهر تجد أساسها المادي في نشر الجهل و التخلف و تكريس ثقافة الإجرام بكل أنواعه، فلن يجادل أحد أن وراء هذا الانتشار المفزع لكل هذه الظواهر مسؤول مباشر يوفر الإمكانيات لنموها وتوسع رقعتها لنصبح أمام مجتمع يغلي و يتآكل يوم بعد أخر، جريمة مدينة إفران الهادئة، جريمة لا تتطلب "التضامن" و تقديم العزاء و المواساة و لا يجب تناولها بمقارنتها مع جريمة قتل السائحتين و إثارة نقاش هامشي مغلوط وموجه من طرف مخابرات النظام من قبيل "مَن من الجريمتين حضي بأكثر نسبة من التضامن و التعازي"، إن المسألة أكثر من ذلك بكثير، إنها جريمة تخفي ورائها عالم لا يبالي بحياة الناس و آلامهم، غذى أمر المتاجرة في دماء أبناءه عاديا، الأساس في ذلك نشر مظاهر الانحلال و التعفن ضدا على القيم الإنسانية والأخلاق الثورية، واقع اليوم، تيارات الهدم ميزان القوة في صالحها ومن مصلحتها وجود الجريمة بكل أشكالها كالقتل، الإدمان على المخدرات، السرقة، الاغتصاب، الشعوذة، الرقية الشرعية...، فمن المؤسف حقا أننا أصبحنا نحتل المراتب الأولى في هذا الركام الهالك و المدمر، وفي المقابل ليس بالغريب أن نصل إلى هذه النتائج ما دام النظام القائم يغلق المدارس ويبني السجون، يشجع ويدعم تدريس فكر الخرافة والشعوذة على حساب نشر الفكر العلمي، نظام الجبروت يبني جزء من اقتصاده على تصدير و إستيراد كل أنواع المخدرات السامة الفتاكة للعقول وكل أعضاء الجسم، مدمر يغلق كل أبواب الأمل في وجه شعب بأكمله، نظام إعدام و قتل الطموحات والأحلام، يجيد فقط اغتيال و اعتقال الأصوات المطالبة بالتغيير لعيش حياة أفضل، إجرام الطاغوت وصل لحد الفرح و النشوة لرؤيته الأوضاع لاتزال على حالها و مخططاته التدميرية تسري في شرايين جسد شعبنا المقاوم الذي قدم خيرة أبناءه شهداء ومعتقلين في مسيرة تحرره و إنعتاقه ليصل إلى مبتغاه، مجتمعا أحسن من هذا الذي أصبح فيه القتل والموت يتصدر أخبارنا الصباحية والمسائية، فلم تعد تفصل بين جريمة و أخرى سوى يوم أو يومين، تختلف فيها أسباب ودوافع القتل و يبقى المجرم فيها واحد .
شفيق: مناضل قاعدي

0 التعليقات:

إرسال تعليق