الثلاثاء، 26 يوليو 2016

السجن السيء الذكر عين قادوس// المعتقل السياسي زهير صابر// "شهادة حول التعذيب": سادية الجلاد وإنسانيتنا

المعتقل السياسي زهير صابر
رقم الاعتقال : 2932
السجن السيء الذكر عين قادوس
"شهادة حول التعذيب"
سادية الجلاد وإنسانيتنا


استمرارا في هجومه الشرس على مكتسبات الشعب المغربي عامة وعلى جميع القطاعات الحيوية (الصحة، النقل، التشغيل، التعليم...) والحركة الطلابية خاصة في حقل التعليم، ومحاولة منه لاجتثاث الفعل النضالي الجذري من داخل الجامعة وخارجها، يلجأ النظام القائم إلى أبشع الطرق وأخبث الوسائل لبلوغ أهدافه.
لم تمر مدة إلا وحاول النظام القائم بالمغرب تمرير مخططاته المعبرة عن مصالحه الطبقية، وذلك بتنزيله مخططات جديدة/ قديمة تختلف تسمياتها وأشكالها ويبقى جوهرها واحد وعنوانه الطرد والإقصاء والحرمان في صفوف أبناء الفقراء من العمال والفلاحين وكل المهمشين منذ سنوات خلت وخلال السنوات الأخيرة والتي كان أبرزها وأشدها حرمانا المخطط الطبقي "الميثاق الوطني للتربية والتكوين" ونسخته المشوهة "المخطط الاستعجالي" اللذان تم إفشالهما بفعل المعارك النضالية التي خاضتها الجماهير الطلابية بمعية مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والنهج الديمقراطي القاعدي مقدمين في ذلك أسمى التضحيات، رغم كل هذا لم يتراجع النظام القائم في هجومه على التعليم العمومي محاولة تفويته بشكل كلي إلى القطاع الخاص، وربطه بسياسة الرأسمال وإدخاله في زمرة المضاربات والمزايدات ومراكمة الأرباح، ضاربا في ذلك حق أبناء الشعب المغربي عرض الحائط، الشيء الذي بدا جليا من محاولته تنزيل مخطط طبقي لا يختلف عن سابقيه من حيث الطرد والإقصاء والذي يسمى "المخطط الاستراتيجي" الذي لا يتماشى ومصلحة أبناء الفقراء والكداح من الطلبة والطالبات، وذلك بتضمنه لقرارات جائرة (قرارات 08 يوليوز) التي تحمل في أحشائها بنود الطرد والإقصاء والحرمان.
ومن موقعها الطبقي –الجماهير الطلابية- بإطارها الصامد أوطم ورفاقا ورفيقاتها ووعيا منهم بمصالحهم الطبقية ودفاعا عنها، عبرت الجماهير الطلابية بقيادتها السياسية والعملية عن رفضها التام لهذا المخطط الطبقي بما يتضمنه من قرارات وبنود إقصائية، وذلك بمواجهتها له منذ البوادر الأولى لتنزيله، وذلك عبر خوض معركة نضالية من الحجم الكبير والتي تخللتها أشكال متنوعة ونوعية (دردشات، نقاشات، نقاشات موسعة، مقاطعات متفرقة...) وصولا إلى الخطوة الأكثر نوعية والمتمثلة في مقاطعة الدروس المفتوحة ومقاطعة الامتحانات من داخل كلية العلوم ظهر المهراز والتي أبانت خلالها الجماهير الطلابية عن تشبتها بمعركتها النضالية وبدفاعها عن مطالبها  مقدمة في ذلك تضحيات جسام، خلال تجسيدها لمقاطعة الدراسة المفتوحة والامتحانات في نسختها الأولى في "18 يناير 2016" والثانية في "02 فبراير2016" والتي عرفت نجاح مائة بالمائة. ومحاولة منه ووفق طبيعته الإجرامية –النظام القائم- وفي خطوة أكثر إجراما سيتم الإعلان عن دورة "استثنائية" من طرف ممثله الرسمي "إدارة كلية العلوم" يوم 14 مارس 2016 وترحيل الامتحانات المشبوهة إلى "كلية الآداب بسايس" بعدما استعصى عليه تمريرها من داخل القلعة الحمراء ظهر المهراز، مستفردا في ذلك بالطلبة والطالبات مناضلين  ومناضلات عزل، حيث ارتكب المجزرة في واضحة النهار وأمام مرأى ومسمع من الكل، مستعملا في ذلك كل أشكال القمع والترهيب في حق الجماهير الطلابية ومناضليها ومناضلاته، حيث اعتقل أزيد من سبعون طالب، ليحتفظ ب 29 طالب الذين مارس عليهم أبشع وأسفر أشكال العنف والتعذيب ليتم الزج بهم في غياهب مختلف السجون الرجعية، كان للنهج الديمقراطي القاعدي النصيب الأوفر في ذلك، وتعد هذه الجريمة استمرارا لجرائم سابقة المعنونة بالهجوم على المناضلين الجذريين وتجريمهم ومحاولة لاجتثاث الفعل النضالي الجذري من داخل الجامعة، وذلك بمواصلة إرهابه عن طريق الاغتيال وهنا ما تعرض له الشهيد "مصطفى مزياني" موسم 2013/2014 بعد معركة الأمعاء الفارغة التي وصلت 72 يوما، وكذلك بالتآمر وتبقى مؤامرة 24 أبريل الدنيئة شاهدة على مدى صهيونية ودموية النظام وبنهجه أسلوب الاعتقال ولعل ما تعج به السجون الرجعية بالمعتقلين السياسيين لخير دليل على ذلك.
في ظل التطورات التي تعرفها المعركة النضالية بشكل خاص والصراع الطبقي بشكل عام وأمام تزايد شدة الهجوم على الحركة الطلابية ومكتسباتها وعلى إطارها العتيد أوطم والنهج الديمقراطي القاعدي والذي لنا الشرف لانتمائنا إلى هذا التوجه المكافح والمعبر عن مطامح الجماهير الشعبية عامة والطلابية خاصة والمدافع عن حق أبناء الشعب العادل والمشروع في التعليم، وفي خضم المعركة النضالية التي تخوضها الجماهير الطلابية من أجل مطالبها العادلة والمشروعة يأتي اعتقالي بمعية أحد الرفاق يوم الأحد 05 يونيو 2016 حوالي الساعة التاسعة مساءا بأحد الأحياء الشعبية "حي النجاح" بعدما كنا متوجهين نحو لمركب الجامعي ظهر المهراز حيث فوجئنا بمجموعة من عناصر القمع السرية والعلنية ( سيارة رباعية الدفع، رجال القمع بزي رسمي ومدني، درجات نارية "صقور") تطوقنا من كل جهة ليتم اعتقالي أنا والرفيق جابر الرويجل الذي تم الاعتداء عليه من طرف أحد رجال القمع والذي أصيب على إثره بجروح على مستوى اليد اليمنى ومقدمة الرأس "الجبهة" ليتم بعد ذلك اقتيادنا على متن سيارة قمع صوب ولاية القمع تحت وابل من الضرب والشتم والسب، وفور وصولنا تم إدخالنا إلى إحدى مخافر القمع الخاصة بالاستنطاق التي يتواجد بها مجموعة من الجلادين لينطلق مسلسل الاستنطاق بطرح الأسئلة من قبيل ( ما اسمك، اسم أمك، اسم أبوك، أين كنت؟ ماذا تفعل. بمن التقيت؟ هل أنت قاعدي؟...) كل هذه الأسئلة مصحوبة بالشتم والسب والاستفزاز والترهيب، ليتم بعد ذلك انزالي إلى قبو ولاية القمع حوالي ساعة الثانية عشر ليلا وتجريدي من كل ممتلكاتي الشخصية وإيداعي بإحدى الزنازن "سيلون" المتسخة والنتنة، حيث سيبدأ جزء آخر من الآلام والمعاناة حيث قضيت الليل كله بدون طعام، في اليوم الموالي حوالي الساعة الثالثة زوالا سيتم اقتيادي إلى إحدى مكاتب الاستنطاق ليستمر مسلسل التعذيب الجسدي والنفسي المصحوب بمجموعة من الأسئلة ( من هم أصدقاؤك؟ من هم الرفاق الذين تعرفهم؟ هل تعرف فلان وفلان؟ أين كنت يوم 14 مارس؟ هل شاركت في المقاطعة بكلية؟ هل أنت متعاطف؟ ماهي الكتب التي اطلعت عليها؟...) وأسئلة أخرى لم أتذكرها كل هذا تحت وابل من السب والشتم والضرب، ليتم بعد ذلك إرغامي بلغة التهديد التوقيع على مجموعة من الأوراق التي لم أعرف ولم أطلع على محتواها كلما رفضت ذلك، حينها وفي تمام الساعة الثانية عشر ليلا لتكتمل تسع ساعات وأنا جالس على كرسي لا أتحرك سيتم إنزالي مرة ثانية إلى قبو "الولاية" لأقضي الليلة الثانية في ظروف لا تليق للإنسان بصلة، لتمر يومين من داخل ولاية القمع كلها آلام ومعاناة من جراء الترهيب والتعذيب.
صبيحة يوم الثلاثاء 07 يونيو 2016 سيتم اقتيادنا إلى المحكمة الرجعية "الابتدائية" ليتم محاكمتنا صوريا بوتهم ملفقة حيث تم تأجيلها – المحاكمة- إلى غاية 22 يونيو 2016 بعد ذلك سيتم اقتيادنا على متن سيارة قمع نحو السجن السيء الذكر عين قادوس لتستمر المعاناة من داخل السجن حيث تم الزج بي داخل إحدى الزنازن تحت الرقم "11" ب "حي التوبة" إلى جانب معتقلي الحق العام كلهم "سوابق عدلية" مما يصنفهم في خانة "أخطر المجرمين" مما يجعل حياتي مهددة وفي خطر والذي يصل عدد السجناء بها إلى 40 سجين ولا يتعدى طولها ستة أمتار، بدون فراش ولا غطاء، بالإضافة إلى وجبات غذائية هزيلة كما وكيفا، كما أنني أنام في مكان شبيه بنفق ضيق لا يتسع حتى لشخص واحد يطلق عليه في قاموس السجناء ب "لاكار" " la gare" حيث تتشابك الأجساد بكامل أعضاءها وبمجموعة من الأفرشة المتسخة والنتنة حيث تتكاثر مختلف الحشرات "بودراع" "القمل"...، وبالقرب من قمامة النفايات الموجودة بالمرحاض حيث تفوح منها رائحة كريهة شبيهة برائحة الأموات، وفي جو من الصراخ والضجيج الصادر من كثرة السجناء الشيء الذي أثر سلبا على عملية استعدادي لامتحانات الدورة الربيعية التي تزامنت مع اعتقالي، هذا بالإضافة إلى حرماني من الاستفادة من الكتب وذلك بمنعنا من إدخالها، في ظل هذا الواقع المزري الذي أعيشه كطالب ومعتقل سياسي إلى جابن باقي رفاقي ودفاعا عن هويتنا السياسية، سيرا على نهج من سبقونا في درب النضال ووعيا منا بعدالة ومشروعية مطالبنا تم خوض خطوة أولية تمثلت في 48 ساعة من الإضراب عن الطعام مطالبة بإطلاق سراحنا الفوري، وتجميعنا وعزلنا على معتقلي الحق العام، وكذلك تحسين الوجبات الغذائية كما وكيفا، والتطبيب والاستحمام، إدخال الكتب دون قيد أو شرط وتحسين وضعيتنا من داخل السجن، كل هذا قوبل بالتجاهل واللامبالاة من قبل "إدارة السجن" وكل من يدعي المسؤولية، أمام هذا الصمت المطبق وتشبتا بمطالبنا تم الدخول في خطوة تصعيدية تمثلت في عشرة أيام من الأمعاء الخاوية قابلة للتمديد والتي انطلقت يوم الخميس 23 يونيو 2016، ليتأكد مرة أخرى على مدى همجية ودموية النظام بكل أجهزته ومؤسساته الرجعية لما ارتكبته في حقنا من جرائم.
إن كل ما نعانيه وما نعيشه من آلام ومعاناة كطلبة ومعتقلين سياسيين يبقى ضريبة نؤديها على انتمائنا إلى خط الجماهير المعدمة والمضطهدة من عمال وفلاحين وكل المهمشين، ونحن مستعدين وبكل تواضع لتقديم أسمى التضحيات دفاعا عن حق أبناء الشعب في التعليم ودفاعا عن قضية الشعب المغربي في التحرر والانعتاق من نير الاستغلال والاضطهاد الطبقيين.
وقبل الختم لا يسعني إلا أن أحيي كافة الطلبة والطالبات الرفاق والرفيقات وأشد على أياديهم وأحثهم على المزيد من التحدي والصمود، كما أحيي كافة المعتقلين السياسيين بالمغرب وفي مقدمتهم معتقلي الحركة الطلابية وعلى رأسهم معتقلينا في النهج الديمقراطي القاعدي، وعبرهم إلى عائلة الشهيد الغالي على أفئدتنا "مصطفى مزياني".
كما أهنيء رفاقنا الذين تم فرض إطلاق سراحهم وعائلاتهم الصغيرة والكبيرة.

فلا الاغتيال ولا التآمر ولا الاعتقال سيثنينا عن مواصلة درب الثورة.
الحرية لكافة المعتقلين السياسيين
سجن اليوم، سجن غدا، سجن بعد غد، الحرية إلى الأبد


0 التعليقات:

إرسال تعليق