الثلاثاء، 16 أكتوبر 2018

حياة بلقاسم و الخياري شاكر-القاتل واحد


حياة بلقاسم و الخياري شاكر-القاتل واحد


في بداية الأمر لم نختار كتابة هذه الأسطر لإعلان الحداد و ذرف الدموع لإرجاع المفقودين و الموتى، في وطن أصبح لا يحمل لنا إلا الموت بأشكال متعددة و مختلفة و كأننا في قلب سفينة أوشكت على الغرق، فقد ركابها الأمل في أن يجدوا بوصلة تقودهم لليابسة.
"لقد جف حبر التمني، فليكتب القدر ما يشاء"، "كان سيكون العالم مكانا جيدا لولا الحروب.. نلتقي في البياض"، بهذه العبارات الحزينة المؤلمة ودعتنا حياة بلقاسم قبل 20 يوما تقريبا، و مساء يوم الأحد الماضي و في ساعة متأخرة من الليل ودعنا شاب في مقتبل العمر حاصل على الإجازة بكلية الشريعة بفاس، و يقطن بمدينة الريصاني، تبخرت أحلامه في الحصول على الوظيفة و عمل قار بين متاهات المخططات السياسية لنظام القتل و الدمار، فأعدم كل القطاعات الحيوية-الشغل، الصحة، التعليم...-. لتجد الطالبة بلقاسم حياة فرصة النجاة من واقع البؤس بركوب قوارب الموت "الفونطوم" و الهجرة نحو عالم مجهول المصير، ربما كانت الرصاصة القاتلة أرحم منه، في حين وجد شاكر الخياري نفسه عاريا أمام واقع متوحش، في معركة لم يستطع خوضها جيدا و انهارت قواه و تحطمت معنوياته و تكسرت طموحاته و نفذ مخزونه من أسلحة المقاومة و مقومات الصمود فاستسلم لأمر الواقع الصعب، فكانت جرعات السم قراره الأنسب. أيوجد عالم أكثر ألما و مرارة أن تختار شرب السم "القاتل البطيء" و تأرشف لذلك قبل أن تغادر هذا العالم القذر إلى الأبد؟.
قد يعتبر البعض أن ما أقدم عليه شاكر شجاعة لا مثيل لها و الآخر جبن كبير و غباوة لا نظير لها، لكن لن نبالغ إن خلف كل منتحر يوجد قاتل، يقتل أحلامك، طموحك، أملك في الحياة و العيش كإنسان، قاتل يجعلك تحس بالعجز و الهزيمة قبل خوض غمار المعارك الكبرى في الحياة.
لقد أصبحوا مبدعين في الجريمة و فنانين في محو آثارها، و مبدعين أكثر في إخراجنا للهامش بمخططات و آليات مدروسة بإحكام و دقة من برامج "تربوية، ثقافية، دينية..."، الهدف منها أن نحتل موقع الصفر في المعادلة الاقتصادية و دورنا إنتاجيا بسيطا –واقع الطبقة العاملة بوطننا- و أصبح عرقنا رصيدا يملئون به حساباتهم البنكية الضخمة في تجاهل تام لأنينا و صراخنا و كلما ارتفعت صرخاتنا و أصبحت سلاحا مقاوما في يد شعبنا في الشوارع و المدن ،سارعوا لفتح معتقلاتهم و زنازينهم للحفاظ على مصالحهم و استقرارهم المزعوم.
فالمؤكد و الأكيد أننا لسنا بحاجة إلى أحاسيس الغضب و السخط العابر الذي سرعان ما يتلاشى و يندثر أمام أول تفاهة مصطنعة، تطفو إلى سطح الجرائد الصفراء و جدران مواقع التواصل الاجتماعي، لتوجيه أنظارنا إلى التفاهات و إبعادنا عن المسائل و القضايا المهمة و المصيرية لشعبنا، و أن لا نكوم جمهورا ساذجا يصفق إعجابا لممثلين على خشبة المسرح، و أن لا نرفع الأكف للدعاء إلى السماء طمعا في الخلاص من طاغوت بالأرض ينام على أنين و جراح الملايين من البشر، كل ما نحتاجه اليوم هو أن نحول جمرات الغضب المشتعلة بدواخلنا إلى فعل واعي ينقل هذا السواد إلى بياض نستطيع العيش فيه بكرامة و إنسانية و أن نجد البوصلة لتوجيه سفينتنا إلى بر الأمان للنجاة من الغرق.

"لن نلتقي في البياض، إلا إذا استطعنا القضاء على السواد"

فهد. مناضل قاعدي

1 التعليقات:

صدق صدام حسين عندما قال الشعوب العربية ستقتل بعضها البعض أو ستقتل أنفسها

إرسال تعليق