السجن السيء الذكر: تولال1 مكناس
المعتقل السياسي: عبد الوهاب الرمادي
رقم الاعتقال: 21020
حول مستجدات ملف الشهيد آيت الجيد محمد بنعيسى
ج-3-
·
حامي الدين عاشق الدماء
أود الإشارة و التأكيد على أن
المسألة ليست مسألة الحكم على "حامي الدين" وباقي القتلة أم لا، و إنما
هي مسألة تأكيد للاستمرارية في نضال تاريخي تمثل قضية الشهداء، إحدى معاركه
الأساسية، وذلك من باب مواصلة المشوار إخلاصا للقضية، عملا بشعار "من يكرم الشهيد يتبع خطاه" هذا
الشعار الذي لطالما تستر وراءه البعض لإخفاء تقاعسهم و تخاذلهم باسم التجذر الفارغ،
في حين أن الشعار يبقى شعارا أساسيا عاما، لا يكفينا رفعه أو التغني به لنكون في
خانة الأوفياء لدماء و قضايا الشهداء، بل إن ما يؤهلنا لذلك هو إدراكنا و تمثلنا
لمضمون الشعار، وبلورة صيغ عملية لترجمته الملموسة، طبقا ضمن أفق سياسي يعكس روح
القضية و انسجاما ومعطيات الواقع بسياقه التاريخي و شروطه و ملابساته. وعلاقة
بفضية الشهيد نجد النظام و القوى الظلامية عملوا و يعملون جاهدين على غرار باقي
قضايا الاغتيال السياسي على طمس الطابع السياسي لجريمة الاغتيال، و هناك من سقط
نفس الشيء، معتبرا أن تناول القضية من الزاوية "القانونية" هو تغيب
لطابعها السياسي، في حين أن القانون نفسه نابع من موقف سياسي و مؤسس على مصالح
طبقية، و سواء شئنا أم أبينا فإن جزءا هاما من مجريات القضية جرى و يجري داخل
ردهات المحاكم، التي تخضع بدورها للمعطى السياسي و لموازين قوى الصراع،
فليس من الصدفة أن صرح المجرم " حامي الدين" سنة 1973 بأنه ينتمي إلى
صفوف الطلبة القاعديين (هذا هو دليل الإدانة الأول) و ليس من باب الصدفة كذلك أن
يحكم بسنتين فقط، و أن يدرج إسمه بعد ذلك في بورصة ما يسمى ب "هيئة الإنصاف و
المصالحة" و أن يشكل الآن حالة الاستثناء في تاريخ المغرب، باعتباره الأول و
الوحيد (إلى جانب القتلة) المتابع بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد و هو
حر طليق، فمن الصعب استيعاب هذه الأمور، إذا غيبنا المعطى السياسي .[هذا أود
التنبيه بالمناسبة إلى مسألة أساسية تتعلق بمجريات قضية المعتقلين السياسيين، و
التي لابد أن نناقش أحد فصولها داخل محاكم النظام، و باسم تطبيق القانون، تصدر
أحكامها السياسية الصورية في حق المعتقلين من جهة، و من الجهة المقابلة، و بإسم
المحاكمة السياسية لا يخوض المناضلون/ت الصراع المطلوب في هذا المستوى لفضح الروح
الطبقية و الانتقامية و الإجرامية لتلك القوانين التي تسلط كالسيوف الحادة على
رقاب الشرفاء، و هذا الأمر يترك مساحات هامة يستغلها النظام و الأعداء إلى حبل
المشنقة حول أعناق المناضلين، و هذا النقاش تم الخوض فيه بخصوص محاكمتنا نحن
المعتقلين السياسيين على خلفية مؤامرة 24 ابريل، و للأسف الشديد لم يتم إلى الأمام
بالشكل المطلوب ] لذلك أرى و من وجهة نظر متواضعة ضرورة بلورة أشكال نضالية وازنة
على ذات الأرضية .
أما من جهة أخرى فإن الماضي يلقي
بضلاله على الحاضر فالظلامي "حامي الدين" أقل ما يقال عنه عاشق الدماء،
فإذا كان مساهما في اغتيال الشهيد آيت الجيد، فهو نفسه له مساهمة رئيسية و مسؤولية
مباشرة في تنفيذ مؤامرة 24 ابريل 2014 الهادفة إلى اجتثاث النهج الديمقراطي
القاعدي حين عمد و بطريقة مستفزة إلى تنفيذ ندوة الوهم بالمكان نفسه الذي اغتيل
فيه الشهيد آيت الجيد سنة 1993، و جيش العشرات من الميليشيات الظلامية المدججة
بالأسلحة، لتحج إلى جامعة ظهر المهراز بفاس، في حنين إلى غزوات شبه الجزيرة
العربية، لينفد بعد ذلك الركن الأعظم من المؤامرة بفبركة وفاة "عبد الرحيم
الحسناوي"، هذه الوفاة الملغومة التي كانت تثار ثائرة القوى الظلامية كلما
طالبنا بكشف حقيقتها أما هيأة المحكمة فقد رفضت كل الملتمسات التي تم تقديمها في
هذا الباب (تقرير الطب الشرعي، الملف الطبي الخاص بعبد الرحيم الحسناوي بالمستشفى
الجامعي بفاس، الذي بقدرة قادر فقد له أي أثر، نتائج الأبحاث الخاصة برفع البصمات
و تحليل ADN، ثم تقرير "المجلس الوطني
لحقوق الإنسان" التي تميط خلاصاته اللثام عن جزء مهم من الحقيقة و تسقط تهمة
القتل عنا نحن المعتقلين السياسيين...)، و هكذا سيتم الحكم بعقود من السجن على
مناضلين بتهمة هم أبرياء منها بعد مغامرة انطلقت فصولها برفعهم عودة القاتل إلى
مسرح الجريمة، إخلاصا لروح الشهيد آيت الجيد محمد بنعيسى، و هذا الأمر يجب أن لا
ينساه الجميع و يتذكره
دوما، خاصة أولئك الذين استهواهم نسيم الحرية المسموم بفضاءات المقاهي و "الانترنيت"
بعيدا عن مساحات النضال
·
التاريخ لابد أن ينتصر لمن ينتصر لمنطقه:
عبر التاريخ، و عبر جميع بقاع
العالم يمتد خط فاصل محمل بدماء الشهداء، من فلاسفة و مفكرين، و مناضلين سياسيين و
نقابيين (حسين مروة، مهدي عامل، شكري بلعيد الإبراهيمي، عمر بنجلون، المعطي بوملي،
آيت الجيد بنعيسى....) خط لا يفصل بين عالم الحرية و الإنسانية بكل قيمها و
معانيها، و عالم الظلامية و الوحشية المؤسس على اغتيال الإنسان و حصار الأدمغة و العقول
والبطش بحرية التفكير و الإبداع، إنه صراع قائم منذ التاريخ، و حتى الثوار السابقون
لم يسلموا من بطش الظلام، أولئك الذين خرجوا مدافعين عن قتلة الشهيد، باسم "المواثيق
الدولية " و "المحاكمة العادلة"...، مساهمين بشكل أو بآخر في دعم و
خدمة الإرهاب الظلامي، مع العلم أنهم لم يرفعوا هذه الشعارات حين كنا نحن معتقلي
النهج الديمقراطي القاعدي على خلفية مؤامرة أبريل، نساق إلى المشانق في ظل إجماع
على طمس الحقيقة و طمس المقصلة، بل الأكثر من ذلك، هناك من أهدر بيانات الإدانة.
إن المعركة لازالت مستمرة، و
النصر لابد أن يكون حليف أنصار قضايا تحرر و انعتاق الإنسان، فحقيقة عمالة القوى
الظلامية و خدمتها لأجندات الإمبريالية و والصهيونية، لا يمكن لأي كان إنكارها،
كما أن الأساطير التي يؤسس عليها المشروع الظلامي مشروعية تتهاوى تباعا أمام
الاكتشافات و الابتكارات العلمية الحديثة، و التاريخ لابد أن ينتصر لمن ينتصر
لمنطق حركته التقدمية.
إن الانخراط في المعركة
الحالية مهمة وواجب نضالي ملقاة على عاتق كافة المناضلين/ت الشرفاء/ت، و نؤكد أن
المسألة ليست مسألة محاكمة كهدف بحد ذاتها، و إن كان الأمر يتعلق بظلامي عاشق
الدماء يتم توظيفه الدائم، لتنفيذ المخططات الرجعية الإجرامية، فإن المسألة تبقى
أولا وأخيرا مسالة صراع تاريخي بين مشروعين يطبع صراعهما التناحر مشروع الظلامية و
التخلف و مشروع التحرر و الإنعتاق، و في غمرة هذا الصراع يجب استثمار كل المستويات
و الواجهات المقامة لأجل إضعاف المشروع الآخر تمهيدا للمعركة الشاملة.
إنني انحني إجلالا لكل أولئك
الذين سقطوا شهداء على يد عصابات الظلامية، و نعلن مواصلتنا لطريقهم مهما كانت
الضريبة، ومهما كان الثمن .... و إنها لمعركة حتى النصر.
انتهى