الأربعاء، 24 يناير 2018

24 يناير 2018// المعتقل السياسي: طارق حماني// رقم الاعتقال:70421// السجن المحلي بتازة// العنصرية العرقية ... وخطورتها في تحريف وتجزيئ نضال الشعب من أجل مغرب أكثر إنسانية. (الجزء الأخير)

24 يناير 2018
السجن المحلي بتازة  ــ المغرب ــ
المعتقل السياسي: طارق حماني
رقم الاعتقال:70421
العنصرية العرقية ...
وخطورتها في تحريف وتجزيئ نضال الشعب
من أجل مغرب أكثر إنسانية. (الجزء الأخير)


4ــ مقارنة تاريخية تسقط الدهم:

من أي جانب يتشابه تاريخ "الأمازيغ" بتاريخ "الشعب اليهودي" الذي يدعيه العنصريون الذين ينسبون إلى ح.ث.أ، أو الذين يدعون الإنتماء إلى الأمازيغ ؟
في البداية دعنا نسأل هل يمكن تقوم علاقة صداقة بين تكتلات (جمعيات) من المنتسبين زورا إلى الأمازيغ يسمونها "جمعيات أمازيغية" والكيان الصهيوني ؟ أم هي مجرد تسميات لإخفاء علاقات أخرى تقوم على إنجاز مهام محددة، تفوح منها رائحة العمالة وخدمة المشروع الصهيوني داخل المغرب وبالتحديد على مستوى القاعدة الشعبية ومحاولة اختراقها بعد أن بقيت وفية ومتمسكة بعدائها التاريخي للكيان الصهيوني وعملائه وبدعمها وتعاطفها مع الشعب الفلسطيني وتتبنى وتدافع عن قضاياه العادلة.
إنهم في الحقيقة عندما يقارنون ''الأمازيغ" "باليهود" فهم يعبرون من جهة عن جهل حقيقي وتام بالتاريخ، وعدم دراية كلية بقوانين حركة المجتمع البشري، أو بالأحرى فهم من جهة أخرى يخلطون عمدا بعض الحقائق المفصولة من سياقها التاريخي من هذا وذاك قصد طمس الحقيقة ودمجها بأساطير لخدمة الإيديولوجية العنصرية والاستعمار الاستيطاني. وهكذا فهم يسيؤون إلى مكون شعبي هو أغنى وأعرق وأعلى من هذه المقارنة التعسفية الفوقية الفجة، المنافية لحركة المجتمع الخاضعة لقوانين موضوعية، وهم يسقطون بذلك من مراتب الدفاع عن مطالب ديمقراطية مشروعة يناضل من أجلها الشعب المغربي إلى مستوى التآمر وخدمة أجندات سياسية فكرية إمبريالية عنصرية، والعنصرية تولد العنصرية، إذا لم تتوفر أدوات علمية لمعالجة المسألة بشكل سليم، إذا لم يتوفر وعي سليم بالمسألة، ونظرية علمية تحل المسألة في سياق حل التناقضات الطبقية داخل المجتمع، وبالتحديد دون الإستناد إلى الفهم المادي للتاريخ، لأسلوب التحليل المادي للتاريخ.
فالأمازيغ ارتبطوا تاريخيا بأرضهم واستقرا بها، ومارسوا أنشطتهم الاقتصادية بالإرتباط بالأرض، خاصة الأنشطة الزراعية والحرفية المرتبطة بها، أي أنهم كانوا منتجين للخيرات بالأساس، أي كانوا ولازالوا يخلقون فائض القيمة ولم يكونوا طفيليين يعيشون على جزء من فائض القيمة التي ينتجها غيرهم. كما أنهم شكلوا مجتمع تاريخي بمعية مكونات أخرى، ولم يكونوا أقلية غريبة هامشية معزولة داخل المجتمع، وحين أقول مجتمع تاريخي فإني أعني أن هذا المجتمع ليس ثابت وليس منغلق، بل متغير ومنفتح ومتطور، عاشوا داخلة إلى جانب مكونات أخرى تعايشوا معها ونسجوا معها علاقات اجتماعية ضرورية وما ترتب عنها من تداخل بشري وتجانس ثقافي وديني على أساس علاقات اقتصادية اجتماعية متغيرة ومتطورة لم تخلوا، كما هي في جزء من طبيعتها، من الصراع، وباعتبار أن كل مجتمع قد انقسم على نفسه طبقيا منذ الانتقال من علاقات الإنتاج المشاعية البدائية، فإن كل مكونات المجتمع كانت ينتمي أفرادها إلى الطبقات المشكلة للمجتمع خلال كل التشكيلات إق إج المتعاقبة في التاريخ، إذ نجد منتمين للمكون العربي والمكون الأمازيغي و...، منتمين طبقيا للطبقة المسيطرة ونفس الشيء بالنسبة للطبقة المسودة.
لقد كانوا (أي الأمازيغ) لعشرات القرون يمارسون في الغالب النشاط الاقتصادي الإنتاجي الزراعي وما يرتبط به من أنشطة حرفية، لهذا نجد انعكاس هذا الواقع المادي ي ثقافتهم ومعتقداتهم وفنونهم التي ارتبطت في غالبها بالأرض، رمز الخصب والعطاء والحضانة والأمان، ولذلك نجد التشبيهات والاستعارات الفنية المجتمعية ترتبط بالطبيعة، تأخذ صور لها وتعبيرات لها من الطبيعة.
ولذلك في عدّة مراحل من التاريخ كانوا يلجؤون إلى الجبال لتحميهم أكثر منسحبين من السهول خاصة أثناء الغزوات الخارجية التي لم تستطع أغلب الأحيان غزو الجبال التي تحصن بها الأمازيغ، نظرا لقساوتها وصعوبة العيش بها واستغلالها، بالمقارنة مع السهول الخصبة السهلة الاستغلال، وهذا ربما أحد العوامل التي ساهمت في الحفاظ على الخصائص الثقافية لهذا المكون بشكل لم تطرأ عليه تغيرات وتطورات كبيرة في البقع الجغرافية هذه، أي العوامل المتمثلة في قدرته على العيش والإنتاج في ظروف صعبة، ظروف الجبال المنعزلة والمحصنة نسبيا، والتي ظلت عسيرة على الإقتحام من طرف الغزاة ومكلفة غير ذات أهمية إنتاجية اقتصادية. والتنازل مؤقتا عن السهول الخصبة للقوى الغازية، مقابل التشبث بالحرية والاستقلال النسبي بالجبال، وفق ما تفرضه الضرورة، في أفق إعادة الإنتشار أو خلق جسور التواصل وبالتالي التعايش وفق مصالح محددة ناشئة.
والحروب التي دارت بين "الأمازيغ" و"العرب" خلال الغزو الذي سمي "حروب الفتح" كانت أولا من أجل توسيع مناطق النفوذ والسيطرة على الموارد الاقتصادية، من طرف القوى السائدة أنذاك داخل المجتمع العربي الإسلامي والمسيطرة سياسيا، (الضرائب بشتى أنواعها، المحاصيل...) لذلك وجدنا القادة الأمازيغ أثناء حروب التصدي للتدخل "العربي" (الأموي) كانت تلجأ فيما تلجأ إلى حرق المحاصيل الزراعية كما كانت تفعل، مثلا، القائدة الأمازيغية ''داهية" أو الكاهنة، وهي ثانيا لم تشن (حروب الفتح) من طرف كل العرب، فهذه مغالطة تاريخية وتعسف في تناول أحداث محددة، لأن مصطلح ''العرب" عام وشاسع، بل شنت من طرف الطبقة السائدة اقتصاديا والمسيطرة سياسيا، أي التي كانت ممسكة بأجهزة ومؤسسات الدولة داخل المجتمع العربي ـ الإسلامي، والتي كانت في الوقت نفسه تضطهد الجماهير الشعبية داخليا، العربية منها وغير العربية، وهذا ما عبرت عنه الانتفاضات التي كانت تقوم ضد الطبقة المسيطرة سواء داخل عمق الإمبراطورية العربية الإسلامية أو في أطرافها، كما أن الحروب والصراعات من هذا النوع والشكل عرفتها كل مناطق العالم خاصة إبان امتداد حكم الإمبراطوريات التي ضمت إلى حدودها مناطق شاسعة وقوميات عدة كان يشارك المنتمين إليها، أي فئة من المنتمين إلى كل القوميات المشكلة للإمبراطورية، في الاستغلال والاضطهاد من موقع السلطة السياسية وفي نهب الخيرات المادية، والعكس أيضا، فقد كان منتمين من كل القوميات يمارس عليهم هذا الاستغلال والاضطهاد.
فأي اضطهاد "عربي" يتحدث عنه هؤلاء ؟ وأي تفسير وتزوير للتاريخ هذا ؟.
وإذا استخلصنا أن حروب توسع الإمبراطورية عربية ـ إسلامية هي شكل للصراع الطبقي العنيف مست العرب وغير العرب كما ساندها العرب وغير العرب عبر المناطق التي امتدت إليها، ونستنتج أن ما يسمى بالحركة .ث.أ توظف معطيات تاريخية بعد تزويرها وتفسيرها الخاطئ خدمة لأهداف عنصرية تتناقض مع مصالح الشعب المغربي، وأعطيت لمحة عامة سريعة عن تاريخ الأمازيغ الإنتاجي.
وبالإرتباط مع هذا فبأي وجه يتم مقارنة تاريخ "الأمازيغ"، إذا ما استطعنا أن نقول الحديث عنه كمكون مستقل بذاته، بتاريخ الصهاينة أو "الشعب اليهودي"، في عزف متناغم مع مواويل الكيان الصهيوني. علما أن مفهوم الشعب المستعمل هنا فيه نقاش، لكن ذلك ليس مهم الآن، لأن نتبع النقاش هنا سيفضي إلى اكتشاف علاقات وممارسات ذات بعد استعماري تخدم أجندات الكيان الصهيوني والقوى الإمبريالية من طرف قوى مجتمعية عنصرية بالمغرب، تستغل مكون وإنتماء محددين، للإسترزاق والتمويه عن حقيقة ممارستها وأجنداتها السياسية.
لكن ماذا عن الحركة الصهيونية ؟ كيف تشكلت ؟ وكيف استغل اليهود في تشكيلها ؟ ومن أي جانب يشبه تاريخ "اليهود" تاريخ "الأمازيغ" ؟.
كان "اليهود" طيلة مراحل تاريخية تبعا لنشاطهم الاقتصادي عبارة عن "مجموعات" منتشرة داخل مجتمعات عدة، منذ المجتمعات القديمة، مارست وظائف اقتصادية مكملة وضرورية على هامش الإنتاج أو نمط الإنتاج القائم بالمجتمعات تلك، متمثلة في النشاط التجاري والربوي (الرأسمال البضاعي)، وهذا ما جعلها تبقى معزولة ومنغلقة نسبيا تبعا لوظيفتها الاقتصادية الاج الهامشية، وكذلك جعلتها هذه الوظيفة الاق الاج دائمة الانتقال من مجتمع إلى آخر في منحاً عكسي للتطور الاقتصادي، إذ كلما كان مجتمع ما يتجه إلى حسم إقامة شروط وعلاقات جديدة مناقضة لتلك التي تنشط بها هذه "المجموعات" إلا وتركوه متجهين نحو مجتمع جديد يكون متأخر إق إج ولازالت بعد الشروط المواتية لنشاطهم الاقتصادي الطفيلي.
وهذا الإنغلاق والإنعزال سيمكنها من الحفاظ على بعض خصائصها الثقافية والدينية واللغوية التي ساهمت في بقائها متكتلة ومنسجمة، وستمكنها فيما بعد، عبر توظيف هذه الخصائص عن وعي، من الإستمرار في التكتل والتوحد لممارسة الصراع الإج على إق بغلاف ديني من أجل الحفاظ على المصالح والدور والوظيفة (وظيفة التجارة والوساطة والربا، والتبادل السلعي ...) الإق الإج بالنسبة لفئاتها العليا، بشعارات دينية عرقية ثقافية إلى أن سيتبلور فيما بعد فكر سياسي خاص، كما عبر عنه "هيرتزل" سيتطور وينضج مع نضوج الإمبريالية.
عند انتقال مجتمعات أوربا الغربية إلى مرحلة الرأسمالية وثورتها على الإقطاع، دخلت المصالح إق الطفيلية لهذه المجموعات اليهودية المنتشرة بكثرة داخل هذه المجتمعات في تناقض مع تطور الإنتاج الرأسمالي وتقسيم العمل فيه، واضطلاع فئة خاصة من داخل هذه المجتمعات بدور التجارة والتسويق لما تنتجه هذه المجتمعات داخليا عبر المصانع، أي نشاط البرجوازية التجارية كمكملة للدور الإق، بتوزيع المنتجات المصنعة وتصديرها وتسويقها داخل المجتمع المحدد وخارجه، إذ ذاك لم يبقى نشاط "المجموعات اليهودية" الاقتصادي (التجارة، الربا...) ممكنا، لتناقضه مع الإنتاج الصناعي الرأسمالي ونشاط البرجوازية ككل ومع نظامها المتشكل، وليس مع البرجوازية التجارية فقط، التي لم تقبل ولم يكن ممكنا لها أن تقبل بدخول البضاعة من المجتمعات الزراعية السابقة على الرأسمالية (الإقطاعية) ورواجها خارج دائرة الإنتاج الرأسمالي البورجوازي، لما في ذلك من خطر على أرباح ورواج البضائع المنتجة داخليا، ذلك أن نشاط المجموعات اليهودية المنعزلة كان يناقض بشكل تام نظاما إجتماعيا اقتصاديا بأكمله، ذلك أن الرأسمال البضاعي الذي كانت تعيش على رواجه المجموعات تلك " لا يعتمد على تصدير المنتجات لمحلية بل على عملية تبادل خارجية بين مجتمعات لا يرتبط عضويا بأي منها، ولكنه قادر على استغلالها كلها في تراكمه وجني أرباحه. أي بسبب طبيعته الربوية كان يستغل نمط الإنتاج السائد دون أن يكون له أية مصلحة في تطويره أو تنميته" (ص.ج.ع). كما أن الصيرورة التاريخية كانت تصب في المزيد من إقصاء هذه المجموعات لصالح تطور وسيطرة النظام الرأسمالي الصاعد، وهو ما سيجعل الصراع يأخذ أشكال حادّة في فترة معينة وبالتالي إصرار اليهود إلى الإنتقال قسرا أو طوعا نحو مجتمعات تسود بها علاقات إنتاج مختلفة، أي علاقات الإنتاج الإقطاعية المحببة والمرغوب فيها لنشاط تلك المجموعات اليهودية، بشرق أوربا، مثلا، بولونيا، وشمال إفريقيا، حيث ستمارس نفس النشاط، وستغزل بما يخدم مصالحها في أحياء خاصة بالمدن، مثلا، فيما عرف بالملاحات في المغرب، حيث كانت تبادل منتجات المجتمعات الزراعية (الجلود، منتوجات الحرف المنتشرة أنذاك خاصة النسيج، الملح،...)، وإضافة إلى المبادلات بضاعة ببضاعة، ستبادل أيضا بضاعة بنقد، والنقد أو العملة التي كانت تقابل كل القيم التبادلية أنذاك ستصبح هي الذهب، وهذا النشاط الاقتصادي الطفيلي في ظل نمط الإنتاج الإقطاعي أو على هامشه ستغتني هذه ''المجموعات اليهودية"، وستراكم وتدخر وتكتنز مدخرات مهمة من الذهب، ومن حسنات التطور الرأسمالي في صالح اليهود أن الذهب في مستوى معين من تطور الإنتاج الرأسمالي سيصبح له قيمة كبيرة في الاقتصاد، بل ستقاس به قيمة اقتصادها، تبعا لكمية احتياطي الذهب في خزينة الدولة، على الأقل في المرحلة الميركنتيلية وما بعدها إلى حدود 1914.
وهذا سيعطي بشكل مباشر قيمة لمن ادخروا احتياطي مهم من الذهب (عملة العملات)، وعن طريق هذا الإحتياط المدخر والمتراكم خلال زمن طويل لدى الفئة العليا في هذه ''المجموعات اليهودية" ستفتح لهم أبواب الاقتصاد الرأسمالي، ليدخلوا دورته الاقتصادية بقوة، خصوصا إبان أزماته، ليصبحوا من كبار الرأسماليين المالية عبره وعبر ما راكموه من خبرة في المضاربة، وبالتالي متحكمين في أبناك كبرى (بنك ريتشارد) وفي شركات عملاقة.
نجد إذن أن الأسباب التي كانت خلف قمع اليهود كانت إق ـ إج، رافقت انتقال المجتمعات الأوربية الغربية على الخصوص من نمط الإنتاج الإقطاعي الذي كان نموذج لنشاط "المجموعات اليهودية" الاقتصادي (التجارة، الربا، الرأسمال البضاعي) داخل المجتمعات تلك إلى نمط الإنتاج الرأسمالي، والذي قام ضد طبيعة العلاقات الإنتاجية والوظائف التي استفاد منها اليهود اقتصاديا في ظل العلاقات تلك، أي أخذت الأسس المادية لنشاط اليهود الاقتصادي تنهار، كان نشاطهم الاقتصادي نشاطا طفيليا معرقلا فكان لابد من تدميره، وفي أحد أوجه هذا التدمير تمثل اضطهاد اليهود. "لقد دخل الرأسمال البضاعي في صراع تناحري خاسر مع الرأسمال التجاري الصاعد الذي كان يعتمد على الصناعات المزدهرة في المدن لتزويده بالسلع والبضائع للمتاجرة فيها" (ص.ج.ع).
وبعد طرد اليهود من النشاط التجاري سيتمركز نشاطهم الاقتصادي في ميدان الربا. إلا أن هذا الميدان لم يكن تركزهم فيه سوى مسألة وقت، أمام تطور البرجوازية التجارية في ق 13 إلى ق 15 على الخصوص، لينتهي الأمر بطرد اليهود من إنجلترا ثم فرنسا فإسبانيا، ونجد في هذا التاريخ ق 15 أن يهود الأندلس إلى المغرب هربا من الإضطهاد المسيحي، الذين كانوا خصوم هذه البرجوازية التي سحقتهم، فكان هذا الطرد يعكس التطور الاقتصادي والتجاري بالبلد المعني.
لهذا ستكون هجرة اليهود أو تهجيرهم في اتجاه المناطق والبلدان المتأخرة والمتأخرة على مستوى التطور الاقتصادي، التي لم تشهد بعد تطور العلاقات الرأسمالية وتشكل وتقدم البرجوازية التجارية أولا، أي الوجهة كانت هي بلدان ومناطق لازالت بها علاقات إنتاج وتوزيع محبوبة وملائمة لما تفضله أو لما كانت تنشط به الجماعات اليهودية أي حيث نمط الإنتاج الإقطاعي، شرق أوربا (بولونيا) شمال إفريقيا.
في المرحلة التي ستبلغ فيها الرأسمالية مرحلة الإمبريالية سيصبح لهؤلاء "اليهود" وزن اقتصادي وسياسي كبير، ولوبي ضغط عالمي، سيتدخل في حل المسألة اليهودية التي خلقتها الرأسمالية وبالتالي في نشوء الحركة الصهيونية، بما يتماشى وطبيعة المرحلة، أي الحل الذي يخدم الاستعمار، فطرح الحل عن طريق الاستيطان الاستعماري في أرض فلسطين، التي اختيرت كمنطقة جيوستراتيجية اقتصادية وسياسية. وإن كانت قد طرحت في البداية مناطق أخرى للإستيطان في أمريكا الجنوبية (الأرجنتين) وفي إفريقيا، لكن تم الحسم في فلسطين نظرا لموقعها، وقد أوجدت الشعارات والتبريرات والأقنعة الإيديولوجية لذلك. وفي إطار هذا الحل عملت الصهيونية العالمية خدمة لمشروعها الاستعماري الاستيطاني على تهجير عمال وفقراء اليهود من بلدان أوربا الرأسمالية من أجل تحييدهم عن خوض الصراع الطبقي إلى جانب باقية الفئات الشعبية هناك، للحؤول دون احتدام هذا الصراع بإضعاف قاعدته الجماهيرية بتهجيرهم وتفريغهم خارج هذه البلدان، نحو الأراضي الفلسطينية، مع الحرص على الاستفادة البرجوازية من هذا التهجير بشحنهم عنصريا للقيام بدور محدد في ظل الدولة المزمع أو المخطط إنشاؤها، إضافة إلى الشحن العنصري كان هناك وعد لهم بالإرتقاء الطبقي. وللإشارة هنا فتفريغ وترحيل الفائض البشري الذي كان يعمق أزمة الصراع الطبقي بمجتمعات أوربا قد اعتمدته الإمبريالية في سياقات أخرى نحو الجزائر مثلا من طرف الإمبريالية الفرنسية، وإلى أمريكا الشمالية من طرف الإمبريالية الإنجليزية وباقي الإمبرياليات الأوربية، وكذلك الشأن في جنوب إفريقيا من طرف إنجلترا التي اعتمدت الاستعمار الإستيطاني لإحتلالها، بترحيل أفواج من الإنجليز لتغليب أعدادهم بالمقارنة مع الأفارقة بهذا البلد، وتكوينهم كقاعدة بشرية تخدم الإستعمار، لهذا وجدنا الصراع ضد الإمبريالية بجنوب إفريقيا قد أخذ شكل صراع عرقي بين ''البيض" المستوطنين و"السود" الشعب المحتل. ولهذا نجد أن أكثر المناطق نشاطا وتنظيما للقوى الصهيونية هي جنوب إفريقيا أثناء سيطرة نظام الميز العنصري، التي كان يقوم نظامها على العنصرية ضد السود، حيث يقول المؤرخ الصهيوني والتر لاكور: "لقد ظل هذا البلد دوما أحد الدعائم الأساسية للصهيونية العالمية".
ولإنجاح خطة التهجير التي طرحها كبار الصهاينة ذهب هؤلاء بعيدا لإقتراف جرائم تقتيل في حق اليهود عبر تفجير التجمعات السكنية لليهود بعدة بلدان منها روسيا، إضافة إلى تأييدهم (ز.ج.ص) للفاشية في قمع اليهود بأوربا وأوربا الشرقية على الخصوص، لما رأوا في ذلك من عامل مساعد، بل مؤثر بشكل كبير في قبول فقراء وعمال اليهود المتشبثين بممتلكاتهم وأرضهم لدعوات الإنخراط في المشروع الصهيوني الإستيطاني وفي اعتناق الأفكار العنصرية والقبول بالهجرة والإستيطان بفلسطين فرارا من البلد الذي قمعوا فيه ماديا ومعنويا وحوصروا به اقتصاديا، وهو ما كان يخدم مصالح ومشروع الحركة الصهيونية المتداخلة مع مصالح البرجوازية الكبيرة المسيطرة في مرحلة الإمبريالية، ولهذا نجد خاصة في فترة بين الحربين العالميتين أن أحزاب صهيونية كانت تؤيد الفاشية والنازية (*) لما يلعبه عملها من دور في صالح الصهيونية وكذلك رأت فيهما المخلصتين من الشيوعية والأحزاب العمالية التي كانت تضم أعضاء يهود في صفوفها مسلحين بالفكر الثوري ولهم رؤية سليمة وعلمية لحل المسألة اليهودية التي خلقتها الإمبريالية، حيث كانت هذه الأحزاب العمالية تعارض ترحيل اليهود إلى أرض فلسطين وفضحت المشروع الإستيطاني الإمبريالي.
إذن من خلال هذه المقارنة السريعة يتضح أن المقارنة، والتشابه الذي تدعيه الحركة العنصرية: ح.ث.أ. بين الأمازيغ واليهود هو ضرب من ضروب الخيال، والإحتيال الفكري، ومحاولة لجلب تعاطف عنصري خارجي، وهو تزوير للتاريخ وتفسير خاطئ له عمدا. كما أنه إعلان صريح للتعاطف مع الصهيونية ودعم لها. بما ينافي قناعات ومبادئ الشعب المغربي.

5- ــ ملحق ــ
حول تسمية "السكان الأصليون":

تسمية "السكان الأصليون" تسمية مغلوطة من وجهة نظر التاريخ، وقد أثبت ذلك العلم، وأبحاث كثيرة متخصصة أكدت ذلك، فإذا كان يطلق على المكون العربي وافدين في مقابل المكون الأمازيغي السابق عليه في الحلول بالمغرب، هذا الأخير الذي يعتبر من طرف العنصريين الأمازيغ سكان أصليون، فإن ''الأمازيغ" أثبت أنهم بدورهم وافدين كالعرب.
والتعامل مع هذه الحقيقة العلمية اليوم من طرف الباحثين في هذا المجال يتضارب بين فرضيتين: فرضية أولى تعتبر أن الأمازيغ وفدوا إلى شمال إفريقيا من جنوب إفريقيا قبل حوالي 10000 سنة على إثر هجرة كبيرة، والفرضية الثانية تقول بأن الأمازيغ وفدوا من المشرق العربي (الشرق الأوسط)، من بلاد الرافدين، نظرا لطبيعة الأنشطة الزراعية التي انتشرت انطلاقا منها نحو حوض البحر المتوسط. وهذا ما يؤكده أيضا ابن خلدون على أن أصلهم من اليمن وأجدادهم الكنعانيين.
لكن حتى بعيدا عن هاتين الفرضيتين توجد حقيقة علمية يؤكدها العلم الحديث باستمرار وهي أن أصل الإنسان ينحدر من إفريقيا حيث انتشر منها نحو مناطق العالم. ولهذا ففكرة السكان الأصليين متجاوزة تاريخيا وخاطئة علميا ولا معنى لها في المجتمعات الحالية والتي تنبني على الإختلاف والتعدد في إطار الوحدة داخل البلد المحدد، وعلى تكاثف الجهود واتحاد الملكات من أجل الإبداع والبناء والإستمتاع بكل الحقوق الإق الإج الث الس على قدم المساواة لكل أفراد المجتمع، وهذا هو معيار تقدم البلد ومدى الوعي السائد داخل مجتمع ما، ومجتمعات محددة متقدمة اليوم وهي عديدة ليس لها أي مشكل أو عقدة مع الأصل الذي ينحدر منه "المواطن" أو فرد المجتمع، بل وأن القوى التقدمية، وفي وعي بالصيرورة التاريخية تناضل وتعمل من أجل مجتمعات إنسانية تنمحي فيها جميع أشكال التميز على أي أساس كان، وتناضل ضد الحدود السياسية المفروضة، باعتبار أن المستقبل سيكون لصالح هذه الفكرة الإنسانية التقدمية التي تكون فيها الأرض وطن للجميع، وكن الإنسان، حيث سيغيب مفهوم الوطنية الحالي الضيق الشوفيني، وربما كخطوة في هذا الإتجاه، تؤسس لها الإتحادات بين بلدان عدّة، والتي ترفع فيها التأشيرات وحقوق المواطنة الضيقة.

6- بدل الخاتمة، في أفق الإتمام:

وإذا كان الطلبة القاعديين والمناضلين التقدميين والثوريين بالمغرب قد طرحوا منذ عقود أسس ومداخل الحل السليم للمسألة الأمازيغية، وفي إطار الحل السليم والعلمي، الشامل والمترابط، الجذري، بتفاعل مع جميع المسائل والقضايا العادلة والمشروعة المطروحة ضمن المشروع النضالي العام للشعب المغربي، بعيدا عن أي تعصب أو عنصرية أو إهمال أو فصل وتجزيئ للمطالب أو للنضال من أجلها في الإطار العام، وكما أنه لم يكن بين هؤلاء المناضلين أي إقصاء أو تهميش لأي من المناضلين المنتمين لمكون شعبي ما، أو لأفراد أو فاعلين على هذا الأساس. سواء كان هذا المكون ناطق بالعربية، أو ناطق بالأمازيغية (الريفية، الشلحة، السوسية)، أو أي إقصاء على أساس عرقي، اثني، لغوي، ديني،...، بل أن القاعديين ومناضلي الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، وجميع المناضلين التقدميين، ومنهم المنضوين في إطار جمعيات حقوقية تقدمية، ينطلقون من البعد الإنساني الكوني التقدمي لنضالهم سواء في مضمونه أو في روافده الفكرية والسياسية، أو في أهدافه الأممية المتمثلة في القضاء التام على استغلال واضطهاد الإنسان لأخيه الإنسان، أين ما كان ولأي بلد ينتمي. ومهما كانت لغته أو لونه، أو قوميته وعرقه أو ...، أي الإنتصار للإنسان وقضاياه.
فإني ــ وعلى نهج القاعديين ــ أحذر وأنبه من خطر العنصرية العرقية بالمغرب، بنفس الشكل الذي نبه القاعديون به من قبل إلى خطر التنظيمات الإرهابية المتغلفة زورا بثوب الدين، حيث كانت تدعم عصاباتها داخل الجامعات، وفي الأحياء الشعبية المهمشة، لتصول وتجول بحرية، وتحمل الأسلحة وتنفذ الإعتداءات الجسدية واللفظية في حق المناضلين والجماهير المناضلة، بل وفي حق ساكنة أحياء شعبية وفرض كرها المتطرف عليها، والنتيجة هي ما يقوم الآن بسوريا وليبيا، والعراق...، حيث التدمير والقتل الجماعي، والتهجير القسري الجماعي، إن التاريخ لن ينسى ذلك.
وإنني أحمل المسؤولية، أمام التاريخ والشعب، لمن يلعب بنار العنصرية، بخلفية سياسية ومصلحية ضيقة، لما قد تتطور نحوه الأوضاع في المستقبل، خاصة إذا تدخلت عناصر أو قوى وعوامل خارجية ي إتجاه تطعيم وتفجير العنصرية في صراع دموي، سيؤدي الشعب الضريبة، وحتى أولائك الذين يلعبون بهذه النار.

______________---------_______________---------_____

6- يرى ابن خلدون أن ربما أن الأمازيغ احتكوا باليهود في الشام وعنهم أتوا باليهودية إلى الشمال الإفريقي.
تدل على ذلك مستويات التعاون (السرية والعلنية) التي كشفت مرارا، وكذا الزيارات الرسمية لقادة صهاينة.
7- زار إسحاق رابين المغرب في شتنبر 1993 وهو رئيس وزراء الكيان إلى جانب وزيره في الخارجية شمعون بيريز والتقيا الحسن 2 على خلفية إتفاق أوسلو، وكان قد استقبل شمعون بيريز بإفران في يوليوز 1986.
8- استعملت تسمية "المجموعات اليهودية" للدلالة على التجمعات السكانية اليهودية ذات النشاط الاقتصادي المذكور، ورأيت أن تسمية "الجاليات اليهودية" التي استعملها مثلا ص.ج.ع في كتابه "ص.و.ص.ط" غير سليمة وغير دقيقة، فإذا كانت هذه المجموعات ''جاليات" فمن أي وطن تنحدر؟ ! وهو ما يجعل الباب مفتوحا لأطروحات نقيضة.
9- كتعبير الإلتزام بمسلسل التطبيع الذي يرعاه النظام القائم مع الكيان الصهيوني، نجد أيضا حضور وزير الحرب السابق في دولة الكيان "عامير بيريتر" "للبرلمان" بالمغرب للمشاركة في أشغال المناضرة الدولية، التي نظمت من طرف البرلمان والجمعية البرلمانية للبحر المتوسط بشراكة مع المنظمة العالمية للتجارة. تحت عنوان: "تسهيل التجارة والاستثمارات في المنطقة المتوسطية وإفريقيا". وكان حضوره بمعية وفد من "الكنست". وذلك يوم: 08 – 10 – 2017.
انتهى.



(*): وستدعم كل الحركات العنصرية عبر العالم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق