الجمعة، 24 يونيو 2016

السجن المحلي بوركايز // المعتقل السياسي : عبد الكريم الحجاجي: شهادة حول التعذيب

السجن المحلي بوركايز                                        12 يونيو 2016
المعتقل السياسي : عبد الكريم الحجاجي
رقم الاعتقال : 24885
شهادة حول التعذيب


 في خضم الهجومات وتوالي المؤامرات و الاعتقالات التي شنها النظام القائم في صفوف مناضلي النهج الديمقراطي القاعدي و الجماهير الطلابية من أجل تقريش الأرضية لإنزال المخططات التصفوية الرامية إلى إقصاء وحرمان الشريحة الأكبر من أبناء هذا الوطن الجريح من حقهم المقدس في التعليم، هذا الأخير الذي طالما قدمت من أجله عبر مراحل تاريخية قافلة من الشهداء و عقود من السجن ( معتقلي مؤامرة 24 أبريل 2014 خير نموذج...)، وتصديها لكل الحملات التي سعى من خلالها النظام القائم إلى تفويت القطاعات الحيوية إلى الشركات الاستثمارية و اللوبيات الرأسمالية للإقتيات على كاهن أبناء الطبقة المسحوقة، و يظهر هذا جليا من خلال البنود التخريبية التي أماط النظام القائم عنها اللثام ليعلنها بشكل صريح في قرارات 8يوليوز، التي تحمل في طياتها رسائل من الإقصاء و التهميش و الحرمان، هادفا من ذلك إلى خوصصة الجامعة.
 الشيء الذي جعل بداية الموسم الجامعي 2015/2016 على صفيح ساخن، كانت التمهيدات بدردشات و نقاشات تفاعلية، مرفوقة بأشكال موازية، وإضرابات طعامية.. وتشكيل اللجان الأوطامية بمختلف الأحياء الشعبية، إلى أن توجت بخلاصات تقريرية، كان عنوانها مقاطعة الامتحانات التي خلصت إليها الجماهير الطلابية والتي ارتكزت بكلية العلوم.
بعد نجاح الجماهير الطلابية بمعية مناضليها بمقاطعة الامتحانات في دورتها الأولى و الثانية التي أعلنتها إدارة الكلية المشبوهة، أصبح الاعتقاد الذي كان يرسمه و يتوهمه النظام القائم مجرد تهويم و فرقعة في الهواء، بمجرد أن أثبتت له الجماهير الطلابية عن صمودها و تلاحمها وقوتها في مواجهة المخططات التخريبية التي أراد أن يثبتها بلغة الحديد و النار، وعبر عن عجزه بشكل صريح في اختراق وتدنيس قلعة الصمود عندما أدرك حجم ومدى قوة أبنائها في تدخلات مختلفة أبرزها 1دجنبر، عندما تم نقل الامتحانات التي كان من المفروض إجرائها بكلية العلوم إلى كلية الآداب بسايس، بعدما رتب كل أوراقه وطوق محيط سايس من كل الطرق المؤدية من و إليه، استعدادا لارتكاب مجازر التي تنضاف إلى تاريخه الدموي في حق أبناء الكداح، لكن رغم ذلك في يوم 14 مارس رفعنا التحدي بالرغم التطويق القمعي الكثيف بمختلف تلاوينه، بلغ به الحد إلى تأجيل مقابلة كرة القدم التي كان من المرتقب إجرائها ( المغرب الفاسي ضد الرجاء البيضاوي)، ناهيك عن تعدد وسائله من سيارات قمعية وفرق الأحصنة ودرجات نارية، بمعدات حربية من صنع الكيان الصهيوني ( الغازات المسيلة للدموع)، لم يستعملها النظام القائم  في تحرير أراضيه المحتلة( سبتة و مليلية..) بل قمع كل تمرد الذي ظل عصيا لكل المخططات التخريبية.
في صبيحة يوم الاثنين 14 مارس تنفيذا لخلاصات الجماهير  وترجمتها على الميدان، انطلقت التظاهرة من الحي الجامعي متجهة صوي كلية الآداب، اندلعت المواجهة مع العناصر القمعية، مستعملة غازات مسيلة للدموع. من صنع الكيان الصهيوني، و التي بدأت تتساقط علينا كالأمطار، رغم ذلك عبرنا عن صمودنا و مقاومتنا، امتدت المواجهة إلى حدود الدواوير المجاورة، تبدأ هنا الحكايات الفردية:
فبعد محاصرتنا في دوار يدعى " السباطي" تفاجأت بسيارة قمعية ودرجتين ناريتين و 5 من أفراد المخابرات السرية، فبعد اعتقالي بدأ السوط يرسم خريطته على مختلف أنحاء جسدي، مع توالي الصفعات و القذف.. ناهيك عن الملفوظات القدحية و العبارات النابية، أصبت على إثر هذا التعذيب الهمجي بجروح غائرة على مختلف أنحاء جسدي، كان أعمقها على يدي اليمنى بواسطة ألة حادة، التي لا زلت أعاني على إثرها إلى حدود كتابة هذه الأسطر، فسقطت مغمى عني، مدرج في دمائي، وعندما استيقظت وجدت نفسي في سيارة قمعية مصفد الأيادي، بها مجموعة من رفاقي تلونهم خرائط من الدماء جراء التعذيب الهمجي، وما كان هذا سوى شوط تمهيدي من التعذيب، فبعد ذلك تم اقتيادنا إلى المخافر القمعية، فبدأت سلسة من المراطونات التعذيبية بنوعيها النفسية و الجسدية. امتدت. حصة التعذيب لليوم الأول من أربع ساعات، بالرغم من أن السؤال بدى يتيما لكنه يتلون بأكثر من رداء ( اسم أبوك، اسم أمك... عدد الكتب التي قرأت...) فبعد إشباع الجلاد غريزته من التعذيب قاموا باقتيادنا إلى نفق مظلم، بمجرد فتح الجلادين للباب فرت منه مجموعة من الحشرات من سوء المكان الذي لا يناسبها، فماذا عنا نحن الذي قضينا به أزيد من 48 ساعة، في شروط لا انسانية، نفترش الأرض الممتلئة بالنفايات والمبللة بالبول ناهيك عن الروائح النتنة التي تنبعث منها.
في اليوم الثاني( 15مارس) بدأت حصص أخرى من التعذيب بطرق جديدة التي يتفن الجلاد مهنتها، في المقايل أسئلة رديئة تأتي وراء كل سؤال صفعات متتالية، يقيدك بسؤال يتضمن إجابتين أحلاهما مر.
منه يمكن القول أننا حين نضع أرجلنا على الطريق يمكن أن نسمع عن ولاية القمع، عن قساوة الجلاد،.. عن طائرة حتى نحلم بركوبها، وهو ركوب بالمجان لا يقتضي داخل المخافر تأشيرة ولا جواز سفر، وعن السوط، طوله، سمكه، عرضه، أنماطه... نتعرف على التهديدات و عن الفنون التي يتقنها الجلاد، وأشكال أخرى لا تخطر على البال لا نقرأها في الكتب و لا في المجلات.
 لكن رغم ذلك دافعت عن نفسي، رفضت التوقيع على المحضر المثقل برزمة من التهم، صرخت بمليء الصوت، لكن سوطهم كان سيد المقام... فالملف معبأ عن أخره بكيلوغرامات من التهم مرموقا ومهيأ، كلما جرجروني إلى غرفة الاستنطاق، كلما سمعت وضقت الضرب و الشتم و القذف على إثر أي  سؤال.
.في اليوم الثالث تم اقتيادنا إلى المحكمة الرجعية الابتدائية التي زينت بزخارف إبداعية، ذات جذران منقوشة بآيات قرآنية لاستكمال فنونه المسرحية.
 تمسكنا بمطالبنا، مدافعين عن هويتنا، ملتزمين الصمت طوال أشواط المحاكمات الصورية ذات الصبغة المراطونية، في المقابل رافعين شعاراتنا تنديدا بالجرائم التي يرتكبها النظام في حقنا و في حق مناضلينا وأبناء شعبنا.
 ضرب حصار قوي من مختلف أنواع القوات السمومية عفوا العمومية و القمع الوطني على المحكمة، بل هذا الإنزال امتد إلى داخل القاعة، قلة قليلة من رفاقنا وعائلاتنا هي التي تمكنت من المتابعة مقابل ذلك سمح للأجهزة القمعية بأن تدخل وتخرج كما تريد. فأمروا بإيداعنا  السجن السيء الذكر عين قادوس، فوجدنا رفاقنا في انتظارنا( معتقلي 24 أبريل)، فزودونا بما نحتاج من مأكولات، ليتم ايداعنا في حي الرحمة ( حي النساء سابقا) مع معتقلي 1فبراير و 1 مارس، فتدارسنا الوضع، لأن السجن و ألياته لا يمكن مواجهاتها بالقناعة المذهبية و السياسية و بالنظرة التفاؤلية للمستقبل فقط، لا يمكن أن يعتبر ذلك هو الأساس الذي يوجه المقاومة و ينظمها.. المقاومة تتطلب الرد بكل وعي وإحساس على هذا النحو وإشهار كل الأسلحة التي تخدم هذه المواجهة ( خلف القضبان) ، ففكرنا كثيرا، فقررنا خوض إضرابات طعامية كانت بدايتها 48 ساعة، من أجل الدفاع عن هويتنا وتحصين مكتسباتنا، فتمكنا من تحصين بعض المكتسبات ( مكتبة، الهاتف بشكل يومي، الاستحمام بشكل يومي، تحسين التغذية...)، فبعد تحصيننا نزلت علينا أحكام قوية مثل الجبال التي لا تهزها رياح 68 سنة، خضنا على إثرها إضرابا عن الطعام لمدة 20 يوما مع التوقف عن تناول الماء و السكر لمدة 3 أيام، وهو الأمر الذي زعزع النظام وأدرك بأن الاعتقال هو اعتقال للأجساد وفقط، وأدرك مدى حجم قوتنا وتلاحمنا، فقرر ترحيلنا يوم الجمعة 22 أبريل إلى السجن المحلي بوركايز، وقام بتفريقنا على 3 أحياء ومع ذلك استمررنا في خطواتنا مدافعين عن هويتنا كمعتقلين سياسيين. تلتها إضرابات عن الطعام أخرى متفرقة من أجل إثبات مكاناتنا و تعميق مكتسباتنا ليظل الشعار الأوحد " رغم القمع رغم السجون لا زلنا صامدون، صامدون صامدون في أوطم مناضلون"

الحرية لكافة المعتقلين السياسيين

0 التعليقات:

إرسال تعليق