السجن السيء الذكر
عين قادوس –فاس- في 8
أبريل 2016
المعتقل السياسي : أيوب الهراق
رقم الاعتقال : 1646
-شهادة
حول التعذيب-
نحن في سجون خصوصية
وأنتم في أخرى عمومية
الغلاف مختلف ...
الصميم واحد
رغم كل المؤامرات و الدسائس، كل الضربات و الطعنات، رغم
كل الخيانات والارتدادات، رغم السقوط إلى مستوى اعتبره البعض مميت وقالوا:
ارتحنا !!، إلا أننا باقون مصرين على المضي، لذلك ننهض
أكثر قوة، نلملم الجراح ونمشي في الدرب مرفوعي الرؤوس درب النضال و الصمود و المقاومة،
لا درب الركوع و الخنوع و المساومة لنساهم بدورنا ومن موقعنا في مسيرة تحرر شعبنا
الذي يرزخ تحت نيران أشرس الأنظمة ديكتاتورية وأكثر وساخة... نظام السماسرة ومصاصي
الدماء. وما وجودنا خلف القضبان إلا خير دليل على قولنا، فاعتقالنا جاء بعد العجز
المميت الذي وصله النظام في تعاطيه مع مطالب أبناء الشعب الكفيلة بتحصين حقهم
المقدس في التعليم، وبعد أشواط جد متقدمة في المعركة البطولية و التي تجرع فيها
كؤوس الهزيمة حتى الثمالة وصلت إلى حد خروجه المعهود انسجاما وتاريخه وطبيعته
الدموية ليعلن عن دورة استثنائية مشبوهة وأنزلها قسرا على كاهل الجماهير الطلابية
داعما إياها ( الاستثنائية ) بأسطول قمعي بربري يوم 14 مارس 2016، فكان موقفنا
واضحا منها كطلبة و مناضلين، تواجدنا في المكان الذي اختاره وفق المقاس ليكون مسرحا للمذبحة، كنا عزلا لا نحمل معنا سوى مواقفنا وقناعاتنا، ليتم وفي رمشة عين – ونحن
في مظاهرة أمام الحي الجامعي الثاني إناث –سايس- محاصراتنا، ارتكبت فينا المجزرة
أمام مرأى ومسمع من الجميع، بحيث لم يسلم ولو واحد منا من بطش تلك الكلاب الآدمية
المتعطشة للدماء، بعد أن أنهكونا ضربا وخارت قوانا وفينا من أغمي عليه، سيتم تكديسنا
داخل سيارة قمع، لتنطلق الرحلة المليئة بالآلام والآهات نحو ولاية القمع، هناك حيث
الجحيم فوق الأرض، هناك حيث كرامة الإنسان يتم مسح المراحيض بها، هناك نوع يشبه
البشر فيزيولوجيا وفقط، لما لا، وهو يحس بالمتعة عندما يراك تتعذب. ولاية القمع
تلك البناية المكونة من مكاتب مليئة بمرضى نفسيين، شواذ يرتدون لباس "
المحققين " و " رجال الأمن "، فور وصولنا سيستقبلنا نفر من هؤلاء
بمقاطع من سمفونيتهم التاريخية النابعة من قاموسهم الوسخ، اقتادوا كل واحد منا نحو
وجهة غير معروفة، حتى أنا جاء دوري ليتم اقتيادي نحو مكتب مظلم، فيه ست أخرون، أول
ما قاموا به هو تعصيب عيناي، تقييد يدي إلى الوراء ثم طرحوني على أرض مبللة
بالماء، لتنطلق الأسئلة مرفوقة بوبيل من الضرب في أماكن حساسة من الجسم حتى يغمى
علي فينتظروني لأستفيق فيعيدوا الكرة مرة أخرى طوال ليلة كاملة، ولإشارة فإنني
لحدود كتابة هذه الأسطر لا زالت عيني متأثرة من قوة الضربات التي وجهت إليها عن
طريق الركل، وهذا السيناريو تم التعاطي به مع أغلب الرفاق تقريبا ممن اعتقلوا.
و الغريب في الأمر أن كل الأسئلة التي وجهت إلي و إلى
باقي الرفاق لم يكن لها علاقة بما وقع يوم 14 مارس، ليتبين بالملموس بأن الاعتقال
يعد من بين فصول التآمر والتربص الذي يستهدف اجتثاث توجه كافح في الجامعة المغربية
إلى جانب الجماهير الطلابية أزيد من ربع قرن وتحمل المسؤولية في قيادتها وتأطيرها
وتوجيهها، فجر معارك ضارية وتاريخية من أجل ضمان حق أبناء الشعب في التعليم وقدم
لذلك قافلة من المعتقلين والمعطوبين وكذلك شهداء بالجملة آخرهم لم تجف دماءه بعد
الشهيد البطل مصطفى مزياني ولازال سيقدم حتما تضحيات جسام، وطبعا كل هذا ينضاف إلى
رصيده النضالي الذي لا يقارع ويبقى مصدر فخر واعتزاز لنا كمناضلين أوفياء لهذا
التوجه ولنا الشرف ونحن نقدم ضريبة الانتماء إلى خطه، خط الثورة الوطنية
الديمقراطية الشعبية، ونقسم بدماء الشهداء أننا لن نحيد عن هذا ولو تطلب الأمر
أرواحنا، لأن هذا نابع من ايماننا بعدالة المشروع الذي ندافع عنه مشروع التحرر من
نير الاضطهاد و الاستغلال من طرف حفنة من اللصوص والخونة الذين باعوا الوطن
لأسيادهم الإمبرياليين بصحن من عدس.
في صباح يوم الأربعاء 16 مارس 2016 سيتم إيقاظنا ونحن
نصف نائمين في قبو الولاية الذي لا يصلح حتى للجرذان أن تسكنه، على ايقاعات السب و
الألفاظ النابية ليتم اقتيادنا نحو سيارات القمع من جديد و الوجهة هذه المرة
" المحكمة الابتدائية " حيث تباع الذمم وتشترى في المزاد العلني، طبعا كل
شيء كان جاهز ( محاضر مطبوخة، تهم ملفقة على المقاس...) فتبين لنا بأن الأحكام
كذلك جاهزة يكفي مشهد واحد فقط من المسرحية، لكن تأتي رياح الرفاق بما لا تشتهيه
سفن أصحاب هذه المسرحية فكان موقفنا من هذه الأخيرة واضح لذلك التزمنا الصمت
ورفضنا الجواب عن أي سؤال، فهذا الموقف جسدناه طوال أطوار هذه المسرحية، بعدها
سيتم ايداعنا السجن السيء الذكر عين قادوس ليتم تحديد 30 مارس 2016 كثاني مشهد من
المسرحية المضحكة والتي تم تأجيلها لمدة أسبوع وتحديدا يوم السادس من أبريل، كنا
آنذاك مضربين عن الطعام لمدة يومين
وامتنعنا عن الكلام مطالبة بإطلاق سراحنا الفوري وما كان على النظام القائم إلا وتأجيل المسرحية إلى غاية 13 أبريل 2016.
وها نحن لازلنا قابعين بمعية الرفاق نقارع عذبات السجان
وبرودة الزنازين نعيش في ظروف لا إنسانية، فاعتقالنا وتعذيبنا و الزج بنا في غياهب
السجون من طرف النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي جاء كمحاولة يائسة من أجل
ثنينا عن الهدف الأسمى والحد من عطائنا النضالي وعزلنا عن نضال الجماهير وعن
همومها وآمالها، إلا أن اعتقاده خاطئ حتما، فنحن مناضلين كنا ولازلنا وسنظل
مستعدين دائما لبذل كل التضحيات من أجل الثورة، متجاوزين كل الأحلام التافهة من
أجل الحلم العظيم، مستعدين دائما لا للاعتقال وحسب، بل حتى للاستشهاد من أجل قضية
الجماهير، ونحن نعلم كل العلم بأن طريق الثورة ليس طريقا مفروشا بالورود بل طريق
مليء بالتضحيات، وقد اخترناه بملئ إرادتنا.
وفي الأخير فإنني أستغل هذه الفرصة لكي أجدد العهد و
الوفاء لخط الثورة، سيرا على درب شهدائنا الأبرار ودفاعا عن هوية المعتقلين
السياسيين، ولكي لا يفوتني أن أحيي الجماهير الطلابية الصامدة و المناضلة وأحثها
على المزيد من البذل والعطاء النضاليين الكفيلين بالإجابة على كل المطالب وتحصينها.
كل التحايا كذلك
إلى كل الرفاق و الرفيقات القابضين على الجمر و المتشبثين بالموقف والذين يتجاوزون
كل الصعاب وكل المؤامرات والدسائس من أجل رسم معالم الغد الجميل.
أيها الرفاق
طوبى للبطن التي أنجبتكم.
المجد والخلود
لشهدائنا الأبرار
الحرية لكافة المعتقلين
السياسيين
عاش الاتحاد الوطني
لطلبة المغرب
عاش النهج الديمقراطي
القاعدي
0 التعليقات:
إرسال تعليق