السجن المحلي بتازة
المعتقل السياسي: طارق حماني
رقم الاعتقال:70421
"يا ظلام السجن خيم..."
مساهمة بسيطة تفاعلا مع معركة الجماهير
مساهمة بسيطة تفاعلا مع معركة الجماهير
تحياتي
النضالية الغالية إلى الجماهير الطلابية الصامدة والمناضلة ضد السياسات الطبقية
للنظام الرجعي القائم ببلادنا، في مجال التعليم وفي باقي المجالات، في إطار
منظمتنا العتيدة أوطم. والتي تستمر بإرادة قوية وتضحيات عظيمة في إبداع وبلورة
أشكال نضالية لصد الهجوم المسعور للنظام القائم على مكتسبات الشعب الذي قدم من
أجلها تضحيات عظام.
تحية النضال
والصمود أيضا لرفاقي في النهج الديموقراطي القاعدي الصامدين في صف الجماهير على
درب النضال بالجامعة المغربية، ولجميع المناضلين بجميع قلاع النضال.
تحية الصمود
والإجلال لكافة المعتقلين السياسيين عبر ربوع مغربنا الجريح، خاصة معتقلي الحركة
الطلابية و النهج الديموقراطي القاعدي، الذين يقادون
للسجن بالعشرات من طرف أجهزة النظام القمعي كتعبير عن طبيعته القمعية الإرهابية
الرجعية، في سياق مسلسل مسعور من القمع للحركات والأشكال النضالية لجماهير شعبنا،
قصد فرض الصمت والأمر الواقع وتمرير المخططات الطبقية الرجعية بأسرع ما يمكن.
تحية المجد
والخلود لشهداء شعبنا الأبرار الذين أناروا باستشهادهم درب نضالنا في إتجاه إقامة
مجتمع خالي من الإستغلال الطبقي، مجتمع الحرية والإنعتاق والمساواة.
الجماهير
الطلابية الرفيقات الرفاق:
لا بد أولا،
وأنا أخط إليكم بدافع الواجب المبدئي النضالي هذه المساهمة البسيطة مني التفاعلية
مع الخطوات النضالية وواقع الساحة النضالية بشكل عام من أن أندد بشدة بالقمع
الدموي الرجعي الذي ووجهت به نضالات الجماهير الطلابية العادلة والمشروعة من طرف
قوات القمع للنظام الرجعي القائم ببلادنا، وبحملة الإعتقالات الجماعية التي استهدفت الجماهير الطلابية
ومناضليها الشرفاء، مناضلي أوطم و النهج الديموقراطي القاعدي بفاس سايس وظهر
المهراز وتطوان والقنيطرة.
إن موجة
القمع والإرهاب والديماغوجية المسعورة التي يتعاطى بها النظام اللاديموقراطي لهي
أحد أوجه الأزمة العامة التي يعيشها في الفترة الراهنة داخليا وخارجيا. فداخليا
هناك سخط وغضب يهم جميع فئات وطبقات الشعب نتيجة السياسات اللاشعبية
اللاديموقراطية اللاوطنية المنتهجة، والتي تنتج باستمرار المزيد من التفقير والبؤس
للجماهير الكادحة والتجهيل وضرب أبسط الحقوق، ومستوى وشروط العيش والدخل والتعليم
والصحة والسكن بالنسبة لأبناء الشعب لخير مثال، وإن الإنتفاضة الجزئية (مناطق أو
قطاعات محددة) أو الإنتفاضة العامة ستكون هي التتويج لهدا الغضب ولهذا الهجوم
المسعور. وهذا ما يغطي عليه ويستبقه النظام العميل بالقمع العام لاستباق تطور
الوضع لهذا الحد، وإن الجامعة المغربية التي يلتقي بها أبناء الشعب من مختلف
الفئات والطبقات (عمال، فلاحين، أساتذة، معلمين، حرفيين، تجار صغار ومتوسطين...)،
حيث يتغدى فكر الطلبة بالعلم والوعي السياسي الطبقي لهي ضمير الشعب المعادي للنظام
القائم، لذلك يتركز عليها هجومه، نظرا لدورها التاريخي في حركة الصراع الطبقي
بالبلاد، فلكل معركة جماهرية صداها في الجامعة.
وهذا الوضع
العام قد جعل الفرز الطبقي يتضح أكثر، وكذلك فضح تآمر القوى السياسية الرجعية منها
والإصلاحية بشكل صارخ على مصالح الشعب، هرعها للتطبيل لشعارات النظام الفارغة
والطنانة خاصة حول ''الإجماع'' المزعوم، والبعيدة على كل مصلحة شعبية ونفس الشيء
بالنسبة لجمعيات ما يسمى ''بالمجتمع المدني'' وتنظيمات فئوية أخرى، وإن تظاهرة
الرباط من الأسبوع الماضي قد لخصت هذا الفرز وكذا تآمر وعمالة هذه القوى والتنظيمات
للنظام الرجعي، في ديماغوجية وإرهاب خطيرين يهدفان فرض الصمت الداخلي واتحاد وهمي
قسري ومحاولة لصرف أنظار الشعب، واهتمام الجماهير نحو الخارج بعيدا عن واقعه
المباشر المطبوع بالتفقير والتجهيل والقمع وضرب المكتسبات، واستهداف أبسط ما تبقى
من الحريات.
أما على المستوى
الخارجي فتتجلى أزمته بشكل بارز من خلال تعاطي الإمبراليات الغربية مع مسألة
الصحراء الغربية والذي تجلى في تصريح ''بان كي مون'' عن كون الصحراء الغربية
محتلة، وإن كان هذا ليس بالجديد ولا الغريب رغم الضجة التي أثيرت حوله، فهذا يندرج
في إطار تقليم الأظافر والبحث عن المزيد من المصالح والنفوذ بالنسبة للإمبرياليات
معينة على حساب إمبرياليات أخرى، الضغط عبر هذه المسألة لفتح الباب لمزيد من النهب
وليس ذلك آت من مبدأ الدفاع عن مصلحة الشعوب، ولا من مبدأ حق الشعب الصحراوي في
تقرير المصير، لأن سياسة الأمبريالية الخارجية مبنية على الإلحاق والاستعمار
المباشر وغير المباشر، وهي دائما ضد حق الشعوب في الاستقلال وضد بناء أنظمة وطنية
مستقلة عن الإمبريالية (اقتصاديا، سياسيا، ثقافيا...) وإنما الضغط هذا من أجل
الإبتزاز وفرض المزيد من التنازلات ونهب فائض القيمة، لأن استمرار النظام
الرأسمالي وتهدئة وضعه الداخلي مرتبط جوهريا في مرحلة الإمبريالية بالإستعمار ونهب
ثروات الشعوب وإخضاع الشعوب الأخرى، ومنع تقدمها الصناعي بالخصوص (ومنع قيام صناعة
ثقيلة بالأساس)، ومنع قيام أنظمة مستقلة
عنها اقتصاديا ثقافيا سياسيا، وكذلك يأتي هذا (التصريح) في إطار الصراع بين
الإمبرياليات على مناطق النفوذ والمواد الأولية والأسواق، واليد العاملة الرخيصة،
وقبله بوقت قليل (في الأسابيع الماضية) تابعنا تعليق الاتفاق الفلاحي من طرف
''الاتحاد الأوربي'' لنفس الأسباب ونفس السياق، خاصة مع إتجاه النظام القائم نحو الإمبريالية
الروسية في وقت سابق والزيارة الأخيرة للكمبرادور لروسيا تأتي في إطار هذا الصراع
بين الإمبرياليات.
الجماهير
الطلابية الرفيقات الرفاق:
إن الحل
لأزمة النظام التبعي البنيوية، وإرضاءا لتوصيات وتوجيهات مراكز القرار الإمبريالية
(صندوق النقد الدولي، البنك العالمي، ...) التي تتحكم في توجيه سياسته العامة خاصة
كيفية التعاطي وتدبير القطاعات الاجتماعية، يصوغه بضرب واستهداف وتركيز الهجوم
بحدة على مكتسبات الشعب المغربي في ميادين الشغل الصحة...، ويأخذ التعليم نصيب مهم
من الهجوم عبر عدة أشكال قمعية وبيداغوجية ومادية لحرمان وإقصاء أبناء الشعب من
مواصلة تعليمهم خاصة من داخل الجامعة، عبر الإسراع في إتمام إنزال بنوذ المخطط
الطبقي الذي سُميّ زورا ''إصلاحا" للتعليم، هذا "الإصلاح" هو الذي
أرسل على أساسه الآلاف من أبناء الشعب إلى قارعة الطريق، إلى الشارع بدل مقاعد
الجامعة أو مكان العمل، وهو نفس "الإصلاح" الذي قاد أبناء الشعب
(الأساتذة المتدربين، الأطباء)، إلى الإعتصام بالشوارع عبر أشكال نضالية كان لها
صداً قويا داخل المغرب وخارجه، كشفت حقيقة الشعارات المرفوعة الفارغة حول الحق في
التعليم والشغل قوبلت من طرف قوى القمع، وكالعادة، بالقمع الدموي، بتكسير العظام
وإراقة الدماء الزكية لأبناء الشعب الذين أنهكوا واستنزفوا مدخرات أسرهم المادية
البسيطة ومخصصات القوت اليومي من أجل مواصلة تعليمهم وحصولهم على مناصب شغل، قد
يمنحهم ولو القليل من الإحساس بإنسانيتهم الضائعة، وعلى نفس النهج المعهود يستمر
مسلسل استهداف الحق المقدس في التعليم، بضرب واستهداف مقاومة الجماهير الطلابية
الرافضة لبنوذ الطرد والإقصاء والطرد الجامعي الطبقية، عبر تدنيس حرمة الجامعة
وانتهاكها وارتكاب مجازر في حق الطلبة، والإلقاء بالعشرات منهم في غياهب سجون
النظام الرجعي المظلمة بعد تعريضهم لمختلف صنوف التعذيب والمعاملة الحاطة من قيمة
الإنسانية، كما كان الحال في كليات ''سايس" "ظهر المهراز" التابعة
لجامعة محمد بن عبد الله بفاس في الأسابيع الماضية، كاستمرار في تنفيذ فصول
المؤامرة المحبوكة في حق رفاقنا والجماهير الطلابية بفاس الذين تم تلفيقهم تهم لا
علاقة لهم بها، وتوزيع عشرات السنين من السجن عليهم، وهي مؤامرة واضحة السياق
والأهداف وأطوار المحاكمة الصورية وطريقة التعاطي مع مرافعات وطعون هيئة الدفاع،
التي تطوعت للدفاع عن رفاقنا المعتقلين السياسيين، والتي نحييها بحرارة، لهي تأكيد
آخر على ذلك، مؤامرة ضرب مقاومة الجماهير الطلابية من داخل الجامعة بضرب واستهداف
القيادة السياسة والعملية في شخص مناضلي النهج الديموقراطي القاعدي، الفصيل
الماركسي اللينيني القائد لنضالات الحركة الطلابية داخل الجامعة المغربية، ومناضلي
أوطم. وهو ما تفضحه وتواجهه باستمرار الجماهير الطلابية بالإرتباط بمناضليها سواء
الصامدين بالسجن أو الصامدين بالميدان، بالجامعة، كتعبير عن وعي عالٍ بأشكال
وخلفيات الصراع ومضمونه داخل قطاع التعليم على وجه الخصوص، داخل الجامعة المغربية
ذات التاريخ الطويل والغني في هذا الجانب باعتبارها قلعة تاريخية من قلاع الشعب
النضالية في وجه مخططات النظام الطبقية، هذا الوعي الذي تترجمه الجماهير بأشكال
نضالية راقية، رغم المؤامرات والدسائس ورغم القمع ورغم الحملات الإعلامية
الديماغوجية الكثيفة والتسميمات الدنيئة الرخيصة، المباشرة والغير مباشرة، سواء
الموجهة إلى الرأي العام، والتي تشوه وتضبب وتجرم النضال من داخل الجامعة عبر
العديد من الأشكال والأوصاف الرخيصة، أو سواء كذلك الموجهة للطلبة أنفسهم، أي
التسميمات والدعاية المغرضة الموجهة للصفوف الداخلية للطلبة، لاستهداف اتحادهم على
أساس مطالب موحدة ومصالح مشتركة وبرنامج نضالي واحد وواضح، ويشارك في هذه الهجمات
أو التهجمات عناصر كانت تدعي، في سالف الأوقات، الدفاع عن مصالح الطلبة، سواء من
الذين لهم مصالح كبرى من داخل الجامعة ولهم مشاريع سياسية تلتقي وتتداخل ومصالح
النظام، أي القوى السياسية الرجعية خاصة ظلاميي ''العدالة والتنمية"، التي
تشارك كبيدق، كعرائس مسرح، خيوط تحريكها بين يدي النظام القائم. وعناصر أخرى لها
مصالح ضيقة وحسابات بسيطة رخيصة، انتهازية، شخصية، وإن كان تأثيرها يُعد مؤقتا
محدودا يشوش ما استطاع على اختيارات الطلبة النضالية، وهذا أحد أصناف الهجوم الذي
يكون وقت تحريكها وتدخلها مدروسا ومحددا، لذا يجب الحذر منها دون تضخيمها أو
إعطائها أكثر من حقها، فالذين كانت ستطبق عليهم "النقطة الإقصائية" ــ
مثلاــ كصيغة من صيغ الطرد الجماعي هم الذين يعرفون ويحسون بمرارة هضم حقهم، وهم
الذين عانوا ويعانون من أجل مواصلة تعليمهم رغم كل العقبات والعراقيل خاصة المادية
منها، ظروف السكن والعيش والتحصيل العلمي بشكل عام، هم طلبة متواجدون بالميدان
يعيشون الواقع إلى جانب بعضهم البعض، ويجب أن يمتلكوا وعياً عن حقيقة هذا الوجود
الواقعي اليومي إلى جانب الجماهير الطلابية، وأن تذوب مصالحهم في المصلحة العامة.
فمزيدا من النضال والصمود وإبداع أشكال نضالية تنبع من عند القاعدة الجماهرية
المكافحة في الميدان بتفاعل جدلي مع القيادة العملية السياسية، على أساس مبادئ
أوطم وأعرافه، والنقد والتقييم المستمر لجميع مستويات ومحطات المعركة (حلقيات
الأسبوع الماضي النوعية درس قيّم في هذا الجانب)، وعدم الركون إلى الإستسلام أو
الحلول الفردية، بالتشبت بالمقاومة والنضال اليومي المستمر مع تنويع الأشكال خاصة
المرتبطة برفع الوعي السياسي.
فالقيود والزنازن سيطالها الآكل والصدأ
أما مبادئ الحرية فستبقى خالدة
الجماهير
الطلابية الرفاق الرفيقات:
إن التعليم
والنهوض بالبحث العلمي يعتبر أحد الدعائم الأساسية لقيام تطور بالبلاد وتغير
الأوضاع العامة للجماهير المسحوقة إلى الأفضل، ينضاف ويتفاعل جدليا مع دعامتين
أساسيتين، تطوير الاقتصاد وبناء صناعة ثقيلة بالبلاد الذي تدعيه الضرورة كأساس صلب
وسليم للرقي والتقدم، للرفع من المستوى المعيشي ومن معدل الدخل العام والدخل
الفردي للشعب وخلق فرص الشغل، ... وثالث دعامة هي الديموقراطية التي يحس الإنسان
في ظلها أنه إنسان فعلا، تضع أفراد المجتمع على قدم المساواة، ولا أهدف أو أشير
إلى استنتاخ تجارب عن ديموقراطية معينة قائمة، كالديموقراطية البرجوازية القائمة
ببلدان أوربية مثلا، بل أقصد إقامة ديموقراطية حقيقية تعود فيها السلطة للشعب
فعلا، وإن كانت الديموقراطية البرجوازية بشكل راقي للسلطة السياسية مقارنة
بالديكتاتوريات العميلة المتسلطة على مصير الشعب بأغلب بلدان المنطقة حتى لا أقول
كلها ــ تونس الآن تجربة ديموقراطية مميزة تبنى في صراع ضد قوى الرجعية والظلام
والإمبريالية التي تحاصرها وتحاول احتوائها باستهدافها قبل إتمام البناء وتمتين
التجربة من جميع الجوانب، وأوجه من هنا تحية نضالية إلى الرفاق المناضلين
التقدميين للاتحاد العام لطلبة تونس الذي اضطلع بدور مهم في الثورة التونسية وفي
الدفاع عن ترسيخ أهدافها ــ قلت أقصد ديموقراطية تضمن المساواة في الحقوق
والواجبات من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وتحرر المجتمع
من قيود القهر والرجعية...، وتضع الأسس المادية والسياسية والحقوقية للقضاء على
الفوارق الشاسعة داخل المجتمع بين من يكدسون الثروة ويمتلكون السلطة ويحتكرون
العلم والمعرفة، على أساس المراكمة للقضاء التام على الفوارق والتناقضات الطبقية.
إن التعليم
المفروض ببلادنا هو تعليم طبقي، فهناك تعليم خاص بأبناء المسيطرين والأغنياء،
يُلقن لهم وفق مناهج وبرامج خاصة وفي معاهد ومدارس وكليات ذات تصنيف خاص من داخل
المغرب أو خارجه، تشرف عليه أطر خاصة أيضا توفَر لها كل الإمكانيات وتوضع رهن
إشارتها ميزانيات طائلة ودعم كبير لتكون الفئة القادرة على الاستمرار في تسيير
المؤسسات العليا واعتلاء المناصب الحساسة، لذلك فتكوينها يكون خاصا، (ولا أقصد
بالخاص، طبعا، التعليم المُؤدّى عنه، أي ذلك التعليم الذي يضطر بعض أبناء الشعب
التوجه إليه نظرا لفقدانهم الثقة في التعليم العمومي)، إضافة إلى التكوين المعد
لرفاه التحالف الطبقي المسيطر، للفئات العليا في المجتمع التي تستأثر بالخيرات
الروحية على غرار المادية منها. وإني هنا لا أهمل بعض الاستثناءات التي ارتقى
عبرها بعض الأفراد من أبناء الشعب، إلى إحتلال مناصب أو وظائف محددة داخل تلك
الفئة. وهناك في المقابل التعليم العمومي الموجه لأبناء الشعب، موضوع على المقاص،
بمضمون رجعي يكرس الوضع القائم، محدود الآفاق، له دور مكمل تُخصص له ميزانية ضعيفة
وأطره لا تُوفر لها لا الميزانية الكافية ولا الظروف والبنية المناسبة للعمل
والبحث العلمي، يلقي بأبناء الشعب إلى الشارع وإلى المجهول (سأعود في وقت لاحق
للتفصيل بعض الشيء في هذا الجانب).
واحتكار
العلم هذا، وحرمان أبناء الطبقات الشعبية منه، هو ما جر على بعض المجتمعات في
الشرق الأوسط والأدنى الدمار، بسيطرة الفكر الظلامي الرجعي المتطرف الذي تؤدي
اليوم ضريبته شعوب بكاملها، عبر التقتيل الجماعي والتفقير المدقع والتشريد على
الملاجئ، والتجهيل الممنهج وتدمير المآثر الحضارية التاريخية.
أما الذين
كانوا خلف نشر وتدعيم وتقوية هذا الفكر الرجعي الدموي التدميري وحملته داخل
المجتمع قصد توظيفه لفرض وتبرير الخنوع والخضوع والاستسلام، فقد حملوا أموالهم
المكدسة من خيرات وجيوب الشعب وذهبوا لاستثمارها في أوربا ومناطق أخرى بعيدة
وتركوا شعوبهم في جحيم الحرب، تحت رحمة أجنحة نظامهم العسكرية من جهة وعصابات
التطرف الديني الرجعية ''داعش'' من جهة أخرى. فحيث حُورب العلم والفن والإبداع تم
تقديس ونشر الخرافة والشعوذة والخضوع والطاعة العمياء وثقافة الشيخ والمريد، على
حساب التفكير العلمي والفكر التقدمي والنقدي الذي ينمي القدرات الذاتية للإنسان.
فتم إنتاج عصابات ظلامية الفكر دموية وتدميرية الممارسة رجعية الأهداف والطموح،
فبما أنهم لم يعرفوا عن العلم إلا الاسم، ولم يعرفوا أي نظرية أو أفكار متنورة
تقدمية جوهرها الإنسان، ولم يعرفوا طرق وأساليب البناء والتغيير في اتجاه راق
متقدم متطور، فالأحرى بهم أن يتسلحوا بالخرافة وبالأفكار البائدة المتطرفة
العنصرية الدينية التي وُضعت في متناولهم قصد تجهيلهم وجعلهم خاضعين خانعين، بعيدين
عن الحاضر يطمعون إلى إحلال القديم بدل الجديد محل القائم، عقليتهم قروسطية يحللون
ويحرمون كما شاؤوا، وآخر شيء يضعون له اعتبار هو الإنسان، يدمروا المجتمع شر
تدمير، خدمة لمصالح ثلة التحالف الطبقي المسيطر ومصالح أسيادهم الإمبرياليين الذين
يمنعون قيام البديل الشعبي التقدمي المعبر عن المصالح الحقيقية للشعوب المقهورة.
وإن هذه
الطاقة الرجعية المدمرة هي كامنة في داخل مجتمعنا، في ظل السياسات المنتهجة في حق
الشعب (مستوى التعليم ومضمونه، الثقافة السائدة، الوضع الاقتصادي والوضع المعاشي
للجماهير)، وهي الآن تستخدم كبعبع الإرهاب وتخويف الجماهير الشعبية من
"نشر" الثورة والانتفاض ومن أي طموح أو فعل للتغيير، أصبح الإرهاب
الديني وسيلة لتخويف الشعوب، سواء من طرف الأنظمة القائمة أومن طرف الإمبريالية،
وفي هذا الإطار تندرج مسرحيات تفكيك "الخلايا الداعشية" من طرف النظام
القائم، إضافة إلى القيام بدور الشرطي المواضب الجاد والحامي لأمن الإمبرياليات
الأوربية على الخصوص، وإن كان ذلك عن طريق الاصطناع، فإذا كانت التنظيمات
الإرهابية الدينية الرجعية تمثل خطرا لهذا الحد، فلماذا لا يتم تسليح الشعوب. إن
تسليح الشعب سيكون قوة ضاربة ضد التنظيم الإرهابي الرجعي "داعش" وضد من
يدعموه وضد من أسسوه وزرعوه في التربة المواتية والمؤهلة والمعدة لاستقباله،
الإمبريالية والرجعية المسيطرة العميلة لها، لكن هذه العملية ترفعه منها الأنظمة
القائمة، خوفا من أن تتجه هذه الأسلحة ضدها عندما يقضي على تنظيم
"داعش". ولنا مثال عن قوة الجماهير المسلحة في الشعب الكردي وفصائلة
المسلحة، وكيف تصدت ببطولة وقوة لهجمات "داعش" بشمال سوريا وكذلك من
التصدي للنظام الدموي الرجعي القائم بسوريا خاصة بالمناطق الشمالية، وهو ما أرعب
كذلك النظام الرجعي القائم بِتُرْكية من هذه الفصائل الشعبية المسلحة. وبشكل خاص
الجناح المسلح داخل حزب العمال الكردستاني، الجناح الثوري.
الجماهير
الطلابية الرفاق الرفيقات:
إن حملات
القمع الدموي من طرف النظام القائم والهجوم الممنهج المستهدف للجماهير الطلابية،
هو في جانب آخر هجوم على ممارسة وفكر ثوريين متجذرين داخل الجامعة المغربية، على
فكر ينادي بالتغيير الجذري من أجل تقدم وتطور بلادنا، فكر ينشر الوعي الحقيقي
الوعي السياسي الملتزم بقضايا الكادحين والمدافع عنها، وينير العقول بفكر تقدمي
مناقض للفكر السائد الرجعي،هو هجوم على فكر وفعل المقاومة والنضال في شخص
حَمَلَتِه. هذا الهجوم القمعي الذي يشمل الجماهير المناضلة عموما حيناُ، وقد يأخذ
شكل هجوم على مناضلين محددين عبر أشكال عدة. وإضافة إلى القمع المباشر فإنه قد يتم
الإلتجاء إلى أساليب رخيصة ودنيئة للهجوم، كالإشاعة والدعاية المغرضة لبث التشكيك
والتردد ولفتح ثغرات بين صفوف الجماهير المناضلة، ليتم التسرب منها لتفتيت الصفوف
الداخلية وضرب والوحدة والإلتحام بين الجماهير المناضلة، ليسهل ضرب الحركة
الطلابية بأقل ما يمكن من القوة والوقت.
عندما يعجز
بعض الناس عن مواجهة الواقع، وعن تحليل قضايا الواقع وفك تناقضاته بعلمية وموضوعية
وفق منهج علمي، ولوكان ذلك في ميدان محدد من ميادين الصراع الطبقي ببلادنا، وذلك
بمسؤولية ونضج ومبدئية، فإنه يلجأ إلى التهجمات الشخصية وإلى النقاشات التافهة
والثانوية، إلى الحط من مستوى النقاش وتسطيحه وابتداله، وهو ما يعبر عن أزمته،
فأزمة الواقع تنعكس في الفكر، لتعطي إنتاج فكري مأزوم، فقير ورخيص ومنحط، يترفع
الطلبة عن نقاشه إلا في حالة الضرورة، ولكن هذا مرتبط بالتربية النضالية وسط
الجماهير وبالأخلاق النضالية، ويعبر عن قيمة الجماهير ومدى اعتبارها لدى هؤلاء.
كونهم لا يولون أية قيمة للجماهير المناضلة، ولا احترام وعيها ونضجها وذكائها، وإن
الجماهير المناضلة في حاجة إلى المزيد من الردّ النضالي بأشكال عملية ميدانية
وإعلامية...، ضد هجوم النظام على مكتسباتها التاريخية التي ضحت من أجلها تضحيات
كبيرة (عبر ساعات وأيام وأشهر من المقاطعات للدراسة، بدماء وعاهات في مواجهات
بطولية ضد قوى القمع، بسنين من السجن لمناضليها الشرفاء الأوفياء الصامدين...)،
وهذا ما تستمر الجماهير الطلابية ببطولة ووعي وإصرار كبيرين على ترجمته عمليا
وتعطينا الدروس تلوى الدروس في الصمود والنضال.
وإن المهام
التي يفرضها الواقع هي الإستمرار في تنفيذ البرنامج النضالي للموسم الذي سطرته
الجماهير، مع حل الخلافات التي يمكن أن تظهر بين الطلبة في هذا المستوى من المعركة
على أساس هذا البرنامج وما تم تحقيقه وتحصينه وما بقي عالقاً، وذلك بمسؤولية ونضج
ومبدئية وغيرة على الحركة النضالية والمصلحة العامة للطلبة في إطار أوطم والاحتكام
للآليات الديموقراطية وللنقاش البناء المرتبط بالممارسة الميدانية وبالاحتكام
للإقناع والاقتناع والنقد البناء، ومراجعة الأخطاء التي يمكن أن تكون قد اقترفت
إلى حدود الآن ونقدها والعمل على تجازوها، وكذلك التأكيد وتثمين أشكال الفعل التي
حققت مجموعة من المكتسبات والتي بلورتها الجماهير المناضلة والمتمرسة وترجمتهما
عمليا بتضحية ونكران ذات كبيرين، وإن بعض التشويش الذي أجابت عليه الجماهير هو من
أجل عدم استثمار المعركة وعدم استمراها في إتجاه تحقيق المزيد من المكتسبات، وكذلك
تهيء للهجوم بأشكال أخرى. فالمزيد من النضال والصمود وإبداع أشكال نضالية مناسبة
في هذا المستوى من المعركة.
فمن قساوة الهزيمة نبشر بالنصر
ومن ألم القيود نبشر بالحرية
وفي أوج ومرارة الردة نبشر بالثورة
0 التعليقات:
إرسال تعليق