الاثنين، 2 أبريل 2018

18 مارس 2018//كلمة الرفيق طارق حماني بالاستقبال الذي خصصه له فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتازة.


18 مارس 2018

كلمة الرفيق طارق حماني بالاستقبال الذي خصصه له فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتازة.

تحية المجد والخلود لشهداء شعبنا الأبرار، وعلى رأسهم شهداء الحركة الطلابية والنهج الديمقراطي القاعدي، وآخرهم وليس بالأخير شهيدنا الغالي الرفيق مصطفى مزياني الذي أستشهد في إضراب بطولي عن الطعام ابتدأ وسط الساحة الجامعية وأتمم داخل أسوار السجن، فتحية لروحه وتحية لأسرته الصامدة والمناضلة.
تحية الصمود والحرية لكافة المعتقلين السياسيين القابعين داخل زنازين الذل والعار، زنازين النظام الرجعي القائم ببلادنا، وعلى رأسهم معتقلي النهج الديمقراطي القاعدي والاتحاد الوطني لطلبة المغرب (ياسين المسيح، هشام بولفت، قاسم بن عزة، عبد الوهاب الرمادي، عبد النبي شعول، مصطفى شعول، جمال بودناية....).
تحية النضال والصمود لكافة المناضلين الشرفاء المكافحين في الميادين بين صفوف الجماهير المناضلة والغفيرة، جماهير شعبنا المغربي، على درب التحرر والإنعتاق من نير الاضطهاد والاستغلال الطبقيين، من أجل إحلال نظام اجتماعي اقتصادي سياسي ثقافي بديل منشود، وعلى رأسهم مناضلي النهج الديمقراطي القاعدي والاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
تحية النضال للرفاق والرفيقات المناضلين الشرفاء من داخل الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتازة، على تنظيمهم هذا الشكل النضالي الخاص باستقبالي، ومن خلالهم التحية لكافة المناضلين الشرفاء داخل هذا الإطار الحقوقي المناضل.
تحية النضال للجماهير الطلابية، والجماهير الشعبية المناضلة والمنتفضة من أجل حقوقها العادلة والمشروعة، خاصة بالحسيمة والمناطق المجاورة لها، وبمدينة جرادة، نعبر من هذا الموقع عن تضامننا المبدئي واللامشروط مع نضالاتها وتنديدنا بالقمع الذي يطالها، وحملة التشهير المغرضة والكاذبة التي تهاجم بها نضالاتها.
إنني اليوم وإذ ألقي أمامكم وعلى وسامعكم هذه الكلمة البسيطة والمقتضبة كمساهمة نضالية لمناسبة الشكل النضالي الذي تنظمونه للاستقبال والتي ستكون موجهة من خلالكم لكل المناضلين والمناضلات، فإنني أريد لها أن تكون مساهمة ـ من ناحية ـ في فضح جرائم النظام اللاديمقراطي القائم ببلادنا في حق أبناء الشعب المناضلين أفرادا وجماهير، المتمثلة في القمع السياسي الرجعي بمختلف أشكاله، خاصة منه القمع عبر الاعتقال والتعذيب والسجن، أو الاغتيال، أو التدخلات القمعية الميدانية في حق الجماهير كما حدث ولازال بمدينة جرادة هذه الأيام، والتي تناقض بشكل واضح كل الشعارات الديماغوجية المرفوعة من طرف مؤسساته وأجهزته الإعلامية والإيديولوجية والقمعية، حول الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، أو حول تطبيق المواثيق الأممية في هذا المجال.
ومن ناحية أخرى اقتسام ما أمكن تجربة الاعتقال السياسي الشخصية مع المناضلين والمناضلات والجماهير مساهمة في تطوير الفعل النضالي، وتصليب وتثوير الشخصية النضالية الفردية والجماعية، من خلال استشفاف الدروس المناسبة وتقديم الإجابات الأنسب وفق ما يتطلبه الفعل النضالي الفردي والجماعي من أجل أن يأخذ هذا الأخير مساره السليم واتجاهه نحو إنجاز مهام التغيير الجذري ببلادنا، وبناء نظام وطني ديمقراطي شعبي مرتبط جدليا بمهام القضاء على الاستغلال الطبقي وتشييد المجتمع الخالي من الاضطهاد، المجتمع الشيوعي، والذي تعد تضحياتنا جد بسيطة أمام ما ستقدمه البشرية من أجل هذا الهدف المنشود. النضال هو ممارسة الصراع للطبقي بشكل من أشكاله، أو بأشكال عديدة، من موقع الانتماء للجماهير الشعبية المقهورة والمضطهدة ضد سياسات النظام القائم في جميع المجالات، لذلك فمن الطبيعي والمحسوم تاريخيا أن يلجأ النظام القائم في صيرورة النضال الجماهيري ـ بما ينسجم وطبيعته اللاديمقراطية ـ إلى الدعاية المغرضة والاتهامات الباطلة ومحاولات التشويه ضد الأشكال النضالية وأهدافها، وضد من يسهرون على تنظيمها وأطيرها، ما دامت أنها تناقض مصالحه الطبقية، ثم يلجأ أيضا إلى القمع المادي والمعنوي المباشر في حق الجماهير والمناضلين الشرفاء والأوفياء المتجذرين وسط الجماهير، فيتم الاعتقال والتعذيب والزج بالمناضلين أفراد ومجموعات وسط غياهب السجون المظلمة والزنازين النتنة المكتظة.
إذن فالقمع المادي والمعنوي ومنه الاعتقال والتعذيب والسجن لمدة طويلة هو ثابت بنيوي في طبيعة وممارسة النظام القائم، وهو عنوان تعاطيه مع نضالات الجماهير الشعبية المفقرة المستغلة، يمس الأفراد مثل ما يمس جماهير بأكملها كما وقع في الحسيمة ولنا في التاريخ أمثلة عديدة تثبت هذا، وهو ما يناقض تلك الخطابات الرنانة الديماغوجية عن تقدم ما في مجال حقوق الإنسان واحترامها وتمكين الشعب من التمتع بها، هذه الادعاءات الكاذبة تصدر عن القنوات والمؤسسات الرسمية للنظام القائم، بقدر ما تصدر عن مؤسسات وقوى سياسية رجعية وأخرى إصلاحية تساهم في حماية النظام القائم والدعاية بطريقة معينة ـ وإن تكن غير مباشرة في بعض الأحيان ـ لشعاراته فتحجب بشكل ما صورته الحقيقية القمعية، فتغطي عن جرائمه في حق الشعب والمناضلين الشرفاء.
وبغض النظر عن ما يقال ويروج له فالواقع أصدق وأبلغ من أي إدعاء أو خطاب مهزوز معزول ديماغوجي، فشعبنا ومناضليه اكتشفوا بالملموس، فرديا وجماعيا، أن هناك حقيقة حية يكشفها النضال اليومي للجماهير المسحوقة، يكشفها واقع الصراع الطبقي داخل المجتمع المغربي، وهي أنه كلما ارتفعت حدة النضال الجماهيري اتسعت قاعدته الجماهيرية ورقعته الجغرافية وكلما ارتفع مستوى الوعي السياسي المؤطر لها ونوعية المطالب والشعارات المرفوعة التي توصل إليها الممارسة الميدانية السليمة الواعية، وكذا الواقع المزري المعاش، فإن النظام القائم يتعاطى بالقمع الدموي في حق جماهير الشعب وتسود لغة الدم والاعتقال وتلفيق التهم، وتشويه الأهداف النضالية لدى الرأي العام المحلي والعالمي، وفبركة المحاضر والتعذيب الخطير والمحاكمات الصورية، ثم السجن لمدة طويلة، وحتى الاغتيال، ناهيك عن المضايقات في الشغل وفي المسار الدراسي للمناضلين...الخ.
ورد النظام القائم على الانتفاضات الشعبية اليوم هو خير دليل خاصة بالحسيمة وجرادة كما كان الحال في يناير وفبراير 2012 بتازة، حيث اعتقلت آنذاك إلى جانب العديد من المناضلين للنهج الديمقراطي القاعدي والاتحاد الوطني لطلبة المغرب، 20 فبراير ومناضلي الشعب عموما.
إذن فشعارات وخطابات النظام القائم تتحطم على صخرة الواقع عندما يعم الفقر والجوع والبرد والمرض والجهل وتغلق المدارس والجامعات والمستشفيات، وترتفع أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية، وترتفع نسبة البطالة، ويرتفع ثمن العقار، كل هذا بفعل سياسات النظام القائم فلا يجد الشعب خيارا غير النزول إلى الشارع بعد أن يطرق كل الأبواب وتصد في وجهه وينتظر وعود تجار الانتخابات ويرهق من الانتظار، فلا يجد بدا من حمل رايات النضال ولافتات التنديد بالوضع المزري القائم وينزل إلى الشارع للنضال.
وبدل أن تقدم حلول لمشاكل الشعب وواقعه القاسي اللاإنساني كما يمكن أن يفعل نظام ديمقراطي شعبي بالفعل، فإن النظام القائم بالمغرب يفعل العكس، بسبب طبيعته اللاديمقراطية ونمط إنتاجه المتبع المرتبط بالإمبريالية والذي يناقض مصالح الشعب ويؤدي به إلى المزيد من التفقير والتجويع والتجهيل والحرمان من الخدمات الاجتماعية الضرورية، ولهذا فإجابته على مشاكل الشعب ومطالبه العادلة والمشروعة تكون هي أن يجهز فيالق قوى القمع ويرسلها لإسكات صوت الكادحين، العزل وتشتيت وقفاتهم الاحتجاجية المشروعة بالقمع الدموي الرهيب وإرسال الأبرياء، المناضلين الشرفاء إلى السجون والمقابر أو تنغيص حياتهم عليهم بحرمانهم من الشغل والدراسة...الخ.
والجريمة تتم عندما يعم الصمت أو الفعل المحتشم في أكثر تقدير، من طرف بعض ممن يفترض وفق ما يدعون أن يكونوا في خندق الشعب، كما تمم الجريمة عبر وسائل الإعلام الرسمية وأخرى رسمية عميلة، وكذا من طرف أبواق وأصوات مأجورة، تأخذ في تنقية أيادي النظام القائم من أثار الجريمة وتحويل المجرم إلى ضحية والضحية إلى مجرم، عندما تبدأ في تسويق حملة الدعاية المغرضة وإلقاء التهم والتشويهات على الملأ للتمويه على الحقيقة من قبيل توجيه تهم الانفصال للجماهير المناضلة، وبكون المناضلين عملاء لقوى أجنبية، أنصار للبوليساريو، شيعة، ملاحدة،...الخ. في حين لا ينسبون بكلمة عن الواقع الحقيقي الاقتصادي الاجتماعي الثقافي للشعب المغربي، والذي هو المحرك الحقيقي لنضالاته الحقيقية.
وإنني هنا أعطي لمحة قصيرة عن واقع حي لا زال قائما وهو الواقع الذي اعتقلت فيه سنة 2012، ومثل هذا الواقع كان هو الخلفية الحقيقية لاعتقالي بمعية العديد من الرفاق، عندما تحملت المسؤولية النضالية بمعية رفاقي في صفوف النهج الديمقراطي القاعدي والاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وكان لي شرف الانتماء لهاتين المدرستين التاريخيتين والكبيرتين في النضال، تحملت مسؤولية تأطير وتسيير وتنظيم معارك وخطوات وأشكال نضالية عديدة في صفوف الحركة الطلابية بموقع تازة بالخصوص المؤطرة داخل نقابتنا العديدة أوطـم وبقيادة سياسية فكرية عملية للنهج الديمقراطي القاعدي الفصيل الطلابي الماركسي اللينيني المناضل من داخل الجامعة المغربية، هذه الأشكال النضالية التي تطورت داخل الكلية وامتدت خارجها لتلتحم بنضالات الجماهير الشعبية وتساهم في تفجير وإفراز معارك وأشكال لهذه الأخيرة، خاصة مع بروز حركة "20 فبراير" بالمغرب في سياق داخلي وخارجي مطبوع بالانتفاض والثورات منذ بداية 2011 على وجه الخصوص، حيث ناضلت بمعية رفاقي في النهج الديمقراطي القاعدي وأوطـم وكذا في حركة 20 فبراير ومناضلي لجان الأحياء الشعبية والمناطق المهمشة، من أجل تطوير الفعل النضالي الجماهيري، وصيرورة هذا الفعل توج بانتفاضة تازة في يناير، فبراير 2012 والتي شاركت فيها الجماهير الطلابية ميدانيا بقوة بعد توجهها في تظاهرة تاريخية إلى الأحياء المنتفضة بالمدينة وخاصة حي الكوشة بتازة، والكل يتذكر الطريقة القمعية الوحشية التي أسكتت بها أصوات المتظاهرين آنذاك، وحجم الإنزال القمعي، وكيف كانت تكسر أبواب المنازل على ساكنيها، والاعتقالات والمطارات البوليسية التي أدت إلى استشهاد نبيل الزهري، ومنها تلك الممارسات القمعية التي جرت في حق مناضلي أوطـم والنهج الديمقراطي القاعدي أثناء مقاطعة الامتحانات في فبراير 2012، التي قررتها الجماهير الطلابية دفاعا عن مطالبها العادلة والمشروعة وتفاعلا مع وضع الانتفاضة وتضامنا مع الجماهير المقموعة. حيث جسدت تقدمية الإطار المناضل أوطـم بقوة، اعتقلت إذن في هذا الوضع، وكنت في أثناء ذلك قد توجهت لمدينة فاس في مهمة نضالية مستعجلة بمعية رفيقين، علما أنه كان قد اعتقل قبلنا مجموعة من الرفاق، ليتم اقتيادنا نحن الثلاثة إلى ولاية القمع بفاس حيث تم تفريقنا، وليبدأ مسلسل من التعذيب الجسدي والنفسي الخطيرين وبشكل جد مكثف استمر لثلاثة أيام متواصلة داخل مخافر القمع، خاصة "بكوميسارية" تازة بعد مرور سريع على ولاية قمع بفاس، حيث تعرضت في البداية لترهيب نفسي وتهديد بأصناف من التعذيب أثناء الاستنطاق الأولي بولاية قمع بفاس ومنه ما جاء على لسان والي القمع عندما توجه إلي بالتهديد وهو يصرخ قائلا بأنه "تازي" وأن "ما فعلناه بتازة يستوجب تكسير الأرجل والأيدي قبل الاعتقال"، لكن ذلك لا يساوي أي شيء أمام ما تعرضت له من تعذيب بعد حضور جلادين محققين من تازة حيث اقتادوني في سيارة خاصة بعد وضع عصابة (بانضة) على عيني، دون إخباري بالوجهة التي يقودونني إليها، وأريد أن أقف عند هذه النقطة المسجلة، لكي أضعها بين أيدي المناضلين الحقوقيين بالخصوص، ألقي بها في وجه من يدعون بأن التعذيب لم يعد له وجود بالمغرب، خاصة داخل مخافر القمع، وثانيا لمواجهة الشعارات والخطابات الكاذبة بالواقع الملموس الصادق، أي ما محل إدعاء احترام حقوق الإنسان، والمصادقة على المواثيق الأممية في هذا المجال، كتجريم الاختطاف، الأخذ بقرينة البراءة، حق المعتقل في لزم الصمت، حق إحضار محامي قبل أي تصريح، تجريم التعذيب جسديا كان أو نفسيا، وحتى ما الموقع الذي يعطي لمحاضر "الشرطة القضائية" بأطوار المحاكمة وفق ما ينص عليه قانونهم الرجعي والذي لا ينضبطون له، حيث يشير قانونهم هذا إلى أن محاضر "الشرطة القضائية" تعتبر مجرد بيانات للاستئناس أثناء المحاكمة في حين أن قرار الحكم مستند لها بالأساس.
وهذا أسجل منذ البداية أنه تم رفض طلبي بإحضار محامي، بل على العكس كان طلبي هذا سببا في المزيد من التعذيب، وأنه عندما اقتادوني من ولاية القمع بفاس وتعصيب عيني بمجرد إدخالي لسيارة خاصة لم أبلغ بالوجهة التي سأنقل لها، وهذا فيه تعذيب نفسي وجسدي خطير خاصة مع وضع البانضة وتصفيد اليدين إلى الخلف بطريقة جد مؤلمة وبدء حصة التعذيب واستنطاق بداخل تلك السيارة وهي متحركة طيلة المدة الني قطعتها نحو الوجهة التي كنت أجهلها آنذاك وهذا يعتبر شكل من أشكال الاختطاف. والحق في إبلاغ الأسرة لم يسمح لي به.
قلت أن التعذيب الجسدي والنفسي بشكل جد خطير قد تضاعف عندما اقتدت إلى سيارة خاصة وتم تصفيد يدي خلف ظهري بشكل مؤلم، ووضعت عصابة على عيني وابتدأت الحصص الأولى من الاستنطاق تحت التعذيب بمجرد تحرك عجلات السيارة عن طريق الضرب بعشوائية حينا، والصفع والضرب على مستوى الرأس حينا أخر، نتف شعر الرأس والذقن بطريقة جنونية، طيلة المدة التي قطعتها كان يغلب الضرب بواسطة عصى على مستوى الفخذين، مع ما رافق عملية التعذيب الجسدي من تعذيب نفسي عبر الترهيب والسب والتهديد بالاغتصاب وغيرها من الأساليب، وهي العملية التي كانت تجري من طرف أزيد من ثلاثة جلادين حسب ما استشفيته من أماكن توجيه الضرب والسب، فيما كانت الأسئلة تتركز حول الأشكال النضالية وطريقة عمل القاعديين خاصة في الانتفاضة وغيرها من الأسئلة ذات نفس العلاقة، بينما تلك التهم التي ووجهت بها في قاعة "المحكمة" أغلبها لم أعلم بوجودها كتهم إلا داخلها، فيما بعضها استنطقت بشأنها كبعض الأشكال النضالية من قبيل التظاهرات وحوارات مع إدارة الكلية، التظاهر نحو الكوشة والمشاركة في الانتفاضة، والتي تشبثت بها وبمشروعيتها وحقي في المشاركة فيها وتأطيرها، وهنا أريد أن أسجل أن الطريقة التي وضعت بها هذه الأشكال النضالية في المحضر المفبرك كانت موضوعة بطريقة وصياغة تخدم وتلاءم وتنسجم مع تهم ملفقة لتبدوا الرواية منسجمة، وفي هذا الجانب كان طبخ المحضر كما يقال أو "فبركة" بنسج صياغة استغلت فيها معلومات عادية وصور من أشكال نضالية لتلاءم التهم الملفقة والرواية البوليسية التي تخدم أهداف الجلادين، وللمثال تم وضع صورة لحوار مع "عميد الكلية" أمام باب العمادة في إحدى الخطوات النضالية داخل الساحة الجامعية، كانت قد نشرت إعلاميا في إطار التغطية الإعلامية للمعركة النضالية، وتم تقديم تلك الصورة على أساس أنها محاكمة للعميد، فيما الحقيقة أنها كانت صورة لحوار جمع الطلبة بالعميد، وهذا الأخير قد حضر لذلك دون أن يرغمه أحد، هذا فقط للمثال وقس على ذلك، وفي هذا السياق تم إدراج أسماء أشخاص كانت موضوعة على أرقام الهاتفية وكذا رسائل نصية من الهاتفين النقالين ودمجها في المحضر وفق رواية معينة بعد إجراء خبرة معلوماتية على الهاتفين النقالين الذين كانا بحوزتي لخدمة بذلك الغرض الذي أشرت له هنا.
إن هذه الإشارات ضرورية جدا الانتباه لها باعتبارها مثال عن كيفية تلفيق التهم وفبركة التهم وفبركة المحاضر، وإذا ما وضعنا في البال أن طريقة التعذيب أثناء الاستنطاق من اللحظة الأولى بهمجيتها وكثافتها وسرعتها تصل إلى درجة الإرهاق التام والإغماء، فان المعتقل السياسي في ظروفه تلك مثل هذه الملاحظات قد لا ينتبه لها في حينها، وحتى عندا يلقى في السجن يبدأ مسلسل أخر من التعذيب والمضايقات التي لها نفس الغرض تشتيت تركيز واهتمام المعتقل السياسي، وهنا إذن من المهم أن تكون مساهمة ودور المناضلين الشرفاء في فضح وتعرية مثل هذه الممارسات والتناقضات التي تحفل بها المحاضر البوليسية والتي تنطلي على البعض، فيما قد يقف أمامها البعض الأخر صامت وغير مستوعب نتيجة الجهل بمثل أساليب الصياغات هذه، وفي هذا الإطار فقد اضطلعت بهذا الدور لجنة المعتقل المنبثقة عن أوطم، إلا أن هذا العمل قد يقوم به كذلك مناضلين آخرين وبطرق أخرى وأخص هنا بالذكر المناضلين الشرفاء بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان  ومن هذا الموقع أحييهم على كل ما ساهموا به في هذا الجانب، لكن أشير إلى انه لم يكن هناك تفاعل في جوانب عديدة خاصة في علاقة مع خطوات نضالية معينة كالإضرابات عن الطعام والمراسلات سيما عند تعرضنا للتعذيب داخل السجن.
يعني الاشتغال على الملف ككل وبالخصوص على مثل هذه الأساليب الماكرة البوليسية التي تصاغ بها المحاضر وفك تناقضاتها وتبيان بطلانها شكلا ومضمونا، بغض النظر عن كون مثل هذا العمل إن كان سيؤثر على مدة الاعتقال التي ستنطق بها المحكمة الرجعية أم لا، لأن عدد سنوات الاعتقال بالنسبة للمناضلين تكون صادرة قبلا مثل ما يكون المحضر جاهز ومطبوخ سلفا، ولا يكون في الانتظار غير فعل إلقاء القبض على المناضل وإدخال بعض المعلومات البسيطة الشخصية عن المعتقل ليظهر كما لو أنه أنجز على إثر الاعتقال وتصريحات المعتقل السياسي، قلت بغض النظر عن ذلك، فإن الهدف من مثل هذا عمل على الأقل هو فضح جريمة النظام بشكل ملموس أكثر ووضوح أكبر خاصة أمام الرأي العام، ليقول كلمته بقوة. لكن للأسف فمثل هذا العمل لم ينجز على الأقل بالشكل المطلوب وإنني هنا أخاطب المناضلين الشرفاء طبعا، لأن هذه مسؤوليتي.
فلكون المناضل إذن عندما يوضع في مثل هذه ظروف، فلا يكون تفكيره منكب على شخصه بالضبط وعلى التهم ما إن كانت ستكون مفبركة لكون هذا معلوم مسبقا، ولا على طريقة فبركة المحضر بقدر ما يكون مركزا ومفكرا باستمرار الفعل النضالي للجماهير الطلابية بالخصوص والشعبية عموما، وعلى أن لا يمس الاعتقال باقي المناضلين، وهذا كان بالنسبة لي أهم شيء عملت بكل طاقتي وبالأسلوب الذي انتهجته تحت التعذيب لضمان سلامته، وهذه الأهداف عملت على أن تتحقق وأنا تحت التعذيب، كما علمت من أجلها عندما تم اقتيادي إلى السجن السيئ الذكر بتازة، خاصة من خلال خوضنا أنا ورفاقي لإضراب مفتوح عن الطعام، قصد فضح الجرائم التي ارتكبت في حقنا، في حق جماهير مناضلة بأكملها، حتى لا تذهب الجريمة في تفعيلها حتى النهاية، وحتى نكشف للرأي العام بأوسع ما يمكن طبيعته اعتقالنا بما هو اعتقال سياسي، وبالتالي أن يتوقف مسلسل اعتقال المناضلين ورفع العسكرة عن الجامعة.
لأعود الآن إلى التعذيب أثناء الاستنطاق، إذ بمجرد وصول السيارة إلى وجهتها تم إدخالي إلى قاعة خاصة بالجلادين بدؤوا يتقاذفونني بالضرب بالأرجل والأيدي بعشوائية إلى درجة لم يبقى أي مكان في جسدي لم يضرب، مع السب والتهديد، لتبدأ حصة أخرى أطول من الاستنطاق حول نفس الأسئلة تقريبا، لكن أضيفت إلى طرق التعذيب التي سردتها أعلاه، طرق جديدة التي أذكر منها "الفلقة" حيث تم تصفيد يدي وقدمي إلى الخلف بشكل جد مؤلم ووضعا على كرسي أو طاولة وابتدأ الجلادون بالضرب بواسطة عصى على قدمي لمدة طويلة، فيما كان جلاد معين يجلس على ظهري وأنا في تلك الوضعية وجهت بطني إلى الأرض ويقوم بصفعي وضربي بسرعة وقوة على مستوى الرأس والوجه من الخلف إلى درجة كنت أبقى مدة وأنا مصاب بالدوار ولا أسمع أي شيء رغم توقف الضرب مؤقتا، وحتى الإحساس بآلام الضرب لم أكن أعد أشعر بها مع سرعة وهمجية وطرق الضرب، كنت أفقد الإحساس مؤقتا، وكان الضرب يوجه في بعض الأحيان إلى دون أسئلة ودون أدنى كلمة، إذ كان الجلادون وبطريقة مسعورة ومرضية، سادية، ما بعدها سادية، يصمتون في قبو التعذيب ثم يبدأ كل مجرم منهم يوجه من مكان مباغت ضرباته، وكانوا يلجئون إلى هذه الطريقة حتى تتحطم حتى تلك المقاومة الغريزية التي يبلورها الجسم ضد الضربات عندما يعرف مع تواليها من أي مكان ستأتي ويقيس سرعتها وحدتها. فيما كان يقوم مريض آخر من هؤلاء المرضى النفسانيين الجلادين في شكل آخر من التعذيب بغرز أدوات حادة أظنها كانت مسامر بين أصابع قدمي، ولكم أن تتصوروا ألامها، والإحساس النفسي لنوع من البشر يغرز أدوات حادة في جسم إنسان آخر ببرودة وسادية منقطعة النظير؟!. كما كانوا يوجهون ضربات مركزة إلى أعضائي التناسلية في نوع من الاستفزاز النفسي والتهديد بالقتل ومحاولة تدنيس كرامة الإنسان لتحطيمه من الداخل، استمرت فصول هذه الجريمة لمدة ثلاثة أيام لم يكن يتوقف التعذيب الجسدي إلا في وقت متأخر من الليل ويبدأ مبكرا في اليوم الموالي، إلى درجة أن أغمي علي مع توالي التعذيب وخاصة عندما وجهت لي ضربات على مستوى الظهر وهي التي أحسست من خلالها بآلام حادة على مستوى الكلية ليسرى آنذاك، حملت على إثر ذلك إلى المستشفى، حيث تم حقني بحقن ما، وإني أجهل الآن أو غير متأكد مما إذا كان التعذيب والضرب على مستوى هذه الكلية هو ما أدى إلى تعطيل خدماتها بشكل طبيعي وبالتالي تتشكل "حصى الكلي" بها، وهو المرض الذي عانيت منه بالسجن، طيلة الست سنوات من الاعتقال وإلى يومنا هذا.
إن ما أقف عليه اليوم في هذا الشكل النضالي هو مجرد جزء بسيط من حجم متخم من المعاناة والآلام الجسدية والنفسية، جزء بسيط من ممارسة إجرامية مورست في حقي أثناء الاعتقال والاستنطاق تحت التعذيب، لأن نقل الصورة بآلامها الجسدية والنفسية الكبيرة هو مهمة جد صعبة، لكن في حدود ما أشرت له فإن الحقيقة هذه تحطم الادعاءات الرسمية لمؤسسات النظام القائم خاصة ما يأتي مرارا على لسان "وزير العدل" بأن التعذيب غير موجود بمخافر القمع، وأن هناك التزام باحترام حقوق الإنسان، أو "أن هناك تجاوزات طفيفة يتم التصدي لها"، لا، بل هي ممارسة ممنهجة تعبر وتخلص لطبيعة النظام القائم اللاديمقراطية. وإذا كان النظام القائم بمؤسساته وأبواقه ومن موقعه في ممارسة الصراع الطبقي ضد الجماهير الشعبية المناضلة وقواها المناضلة ومناضليها الشرفاء دفاعا عن استمراره ودفاعا عن صورة هي ملطخة بدماء الأبرياء ومعانات الجماهير يحاول تلميعها وتجميلها فيلجأ إلى مثل هذه الخطابات الكاذبة الديماغوجية داخليا في العلاقة مع الرأي العام المحلي، وكذا خارجيا في مؤتمرات عالمية، فإن الذي نستغرب له، هو طريقة تعاطي قوى سياسة الانتهازية مع قضية الاعتقال السياسي والتي تكون بمنطق ما ستربحه وتجنيه سياسيا وبشريا من النضال على أساسها، وإذ ما خاضت بعض الأشكال فإنها تكون موسمية وشكلية روتينية، بل وغالبا ما يعم الصمت المتواطئ في أحسن الأحوال، إذا لم يصل إلى التهجم والممارسة السياسية التي تخدم أهداف النظام القائم بشكل أو بآخر، فقضية الاعتقال السياسي هي قضية مبدئية من قضايا الثورة، لذا فمن المطلوب مبدئيا من كل مناضل ـ ة شريف ـ ة أن يناضل على هذا الأساس وأن يفضح جرائم النظام في هذا الجانب، سواء بخوض أشكال نضالية أثناء اعتقال المناضلين والمحاكمات أو خلال مدة الاعتقال، وحتى بعد مدة الاعتقال، وأن لا يكون نضالا مناسباتيا، موسميا بل نضالا يومي، والأشكال العديدة لذلك، وفي هذا الإطار أحيي عاليا الرفاق في النهج الديمقراطي القاعدي والاتحاد الوطني لطلبة المغرب ولجنة المعتقل على نضالهم ودعمهم اليومي والمتعدد الأشكال للمعتقلين السياسيين، وعلى تجسيدهم العملي للمضمون السياسي الفكري الثوري للنضال على قضية الاعتقال السياسي، وكذلك التحية للمناضلين الشرفاء من داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الفاعلين بمبدئية على هذا الأساس، ومناضلي حركة "20 فبراير" الأوفياء الصامدين، وكذلك لكافة المناضلين والمناضلات بكافة ساحات النضال حيث تترجم الإجابات العملية على الاعتقال السياسي بالاستمرار في تفجير وتطوير الفعل النضالي، لأن الاستهداف بالاعتقال السياسي هو استهداف لتنظيم سياسي، واستهداف لفعل وممارسة نضاليين بين صفوف الجماهير المناضلة، وليس استهداف للشخص المعتقل في حد ذاته، فضرب المناضل عبر الاعتقال هو ضرب للتنظيم السياسي الذي كان يمارس ضمنه وهو بالنسبة لوضعي استهداف لفصيل الطلابي الماركسي اللينيني القائد لنضالات الحركة الطلابية، النهج الديمقراطي القاعدي بالأساس، ثم استهداف لباقي الحركات المناضلة كحركة "20 فبراير" والحركة التي خلقتها لجان الأحياء الشعبية والمناطق المهمشة بالمنطقة على وجه الخصوص.
إذن لأستمر في تبيان التناقضات التي عجت بها أشواط الاعتقال الذي تعرضت له، ففيما يخص قراءة المحضر والتوقيع عليه وفيما ينافي أيضا كل ما تروج له الجهات الرسمية بشأن احترام حق المعتقل في الإطلاع على المحضر والتوقيع عليه وفيما ينافي أيضا كل ما تروج له الجهات الرسمية بشأن احترام حق المعتقل في الإطلاع على المحضر والتوقيع عليه من عدمه، فإنني لم أطلع على أي محضر ولم أوقع عليه، إذ لم تنزع العصابة عن عيني.
وحدود الجريمة السياسية من حقنا لم تنتهي عند هذا الحد، فكل شيء كان موضوع ومقرر سلفا، وهذا ما تجلى أيضا في أطوار المحاكمة الصورية خاصة داخل قاعة المحكمة الرجعية، والتي كانت شبيهة بمسرحية أو تمثيلية، السيناريو محبوك بإتقان، والممثلين بارعين، ومن تمثل عليهم المسرحية كانوا مكتوفي الأيدي، ممنوعين من الكلام والتعبير، وفي هذا الجانب أيضا سأحاكمهم بما يدعونه من احترام لحقوق الإنسان بالمغرب سواء كان هذا الادعاء من الجانب الرسمي أو غير رسمي، وسأبدأ هنا بكون أثار التعذيب كانت بادية على جسمي وحتى وجهي، ولهذا من المفروض أن يستجاب لطلبي وطلب هيأة الدفاع التي تطوعت للدفاع عني ممثلة في الأستاذ عبد الكريم دودوح والأستاذ خليل اليعقوبي اللذين أحييهما عاليا، الطلب المتمثل في إجراء الخبرة الطبية لإثبات التعذيب الذي تعرضت له أثناء ما يسمى بالتحقيق، لكنها رفضت من طرف المحكمة، هذا تناسق في إتمام فعل الجريمة.
من جهة أخرى فقد منعت من الدفاع عن نفسي، إذ كان يطلب مني رئيس الجلسات القمعية بأن أجيب بنعم أو لا دون أي توضيح وهذا قمع ومنع من ممارسة حق، وهذا ما لم أقبله وطالبت بحقي في التوضيح والإجابة والدفاع بشكل مناسب، لتوضيح بعض الصور والأشياء، وكيف تم بها تلفيق تهم وربطها بخطوات نضالية مشروعة الخ، لكني قمعت وطردت من قاعة المحكمة بطريقة همجية، سيما وأني في وضع صحي متدهور نتيجة التعذيب والإضراب المفتوح عن الطعام الذي خضته من داخل السجن بمعية رفاقي.
وهذه المشاهد كانت تحت أنظار من توفرت له إمكانية حضور الجلسة، إذن عن أي قانون وأية حقوق إنسان يتحدثون؟!.
أما في السجن السيئ الذكر بتازة فقد لا تكفي نقاشات ونقاشات لذكر حجم التعذيب الجسدي والنفسي الذي تعرضت له داخله، وللإحاطة بالوضع اللاإنساني الذي عشت فيه، خصوصا وضعنا داخل زنازين مكتظة بمعتقلي الحق العام، وما يسبب من مشاكل ومعانات يومية قاسية، بفعل نوع من الثقافة المنحلة السائدة بين معتقلي الحق العام، وكذا الضوضاء اليومية، وانعدام أبسط شروط السلامة الصحية داخل الغرف، درجة أن الإنسان يحس بالاختناق في بعض فصول السنة داخل هذه الغرف بفعل الاكتظاظ، حيث يقل حتى الأوكسجين بها، مما كان يصعب كثيرا سواء إمكانية متابعتنا للدراسة في السنوات الأولى من الاعتقال إذ لم تكن تتوفر آنذاك مكتبة للمطالعة والدراسة، إضافة إلى تعمد بعض الجلادين خلق مشاكل عديدة لنا في العلاقة مع معتقلي الحق العام، وبلغت الأمور في تطورها إلى تعريضنا للتعذيب مجتمعين من طرف الجلادين بالسجن المحلي بتازة في أواخر يوليوز 2012، أنا ورفاقي جادة بوبكر، يوسف أحجيج، لحسن دراجو، عبد الصمد هيدور. وقد راسلت عدة مرات بخصوص هذا التعذيب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الفرع المحلي، وكذا بخصوص ظروف الاعتقال اللاإنسانية، التي يضاف لها مستوى التغذية الرديء، بل يصعب تقبل حتى رائحتها، وتقبل فكرة تقديمها لناس سواء من حيث طريقة طهيها أو تقديمها من خلف قضبان الأبواب المغلقة بنفس الطريقة التي تقدم للحيوانات في "حديقة الحيوانات"، أو من حيث جودتها، ولكم أن تصوروا مثلا الوضع بغرفة كالتي كنت أقبع بها في السنين الأخيرة بالسجن، أي الغرفة 1 من الحي "الجديد" والتي تحدد مساحتها ب 4,30/7,30 م مع العلم أن المرحاض يوجد داخلها وتحذف مساحته من هذه المساحة، فقد كان يقبع داخلها في الفترة الأخيرة 25 معتقلا (14 منهم بالأسرة والباقي توزع عليهم المساحة المتبقية من الغرفة ليتزاحموا بها)، وللإشارة لحجم الاكتظاظ في السنوات الأخيرة بالسجن المحلي بتازة، فقد ارتفعت نسبة نزلاء الحي "الجديد" على سبيل المثال من حوالي 150 معتقل سنة 2012 إلى حوالي 320 معتقل الآن، وعلما أن مساحة الفسحة المثلثة الشكل تقارب 12 مترا في قاعدتها وحوالي 23 متر في طول أحد أضلاعها، فلكم أيضا أن تتصوروا العدد المناسب الذي ستستوعبه، وما وضع البقية، ولهذا فالإلقاء بمعتقل سياسي وسط هذه الظروف يعني تعريضه بشكل غير مباشر لتعذيب نفسي يومي خطير، وجعله في مواجهة مشاكل ومخاطر لا تحصى ولا تعد، وحتى لا أطيل في هذا الجانب لأني سأعود مستقبلا لتفصيل في جوانبه العديدة سأشير بسرعة في هذا السياق إلى أنه تم حرماني من متابعة دراستي في سلك الماستر من داخل السجن بمبررات واهية، كما حرم إلى حدود الآن مناضلين آخرين من هذا الحق ممن لازالوا داخل السجن (مثال قاسم بن عزة)، إضافة إلى أنه تم التماطل في العلاج.
إن الذين عرضوني للتعذيب لم يستوعبوا ولم ينتبهوا أنهم عندما كانوا يتفننون في تعذيبي وإرهابي، أنهم كانوا يصلبون إرادة، ويؤكدون قناعة ويزيدونها رسوخا، وأن من كانوا يتلذذون بتعذيبه وإهانته، ويدوسون فوق إنسانيته بأحذيتهم، لم يكن إلا إنسانا ابن هذا الشعب، قد يكونوا تمكنوا منه وتقاذفوه بين أرجلهم وأشبعوه لكما وصفعا لهزمه وتكسيره، لكن ما حصل هل اقتلعوا قناعاته، إنهم عندما كانوا ينهالون بالعصي على قدمي لم يكونوا يفعلون غير أن يثبتوا تلك الأقدام على درب النضال، نحن أبناء هذا الشعب وهذا البلد ونحبه ونريد له الخير والأفضل ومن حقه وبإمكانه ذلك، وله من الثروات ومن أبنائه الشرفاء والأكفاء ما يمكنه من البلوغ لحياة مجتمعية أفضل، أنا إنسان مناضل كونني واقع شعبنا، كونني جيل من المناضلين الشرفاء وجيل شريف فذ من الجماهير الطلابية، أحببتهم كثيرا، وأقول لهم إن كل ما ساهمت به خلال هذه المسيرة النضالية البسيطة والتي لازالت متواصلة و ستتواصل إلى جانبكم، هو بفضلكم وبدعمكم وبتربيتكم ولأجلكم ولأجل شعبي، وكل خطأ سقطت فيه هو من شخصي أنا كفرد، وإني لهذا أتعلم منكم باستمرار فلندعم ونساند وننتقد ونطور بعضنا، ولا نتخلى على درب النضال، إنه شاق وطويل ومكلف لكنه جميل ويجعلنا نعيش كإنسان ومن حقنا ذلك، وإن كانت الشروط المجتمعية المفروضة تحرمنا من أن نحيا كإنسان، لكن الأمل كبير ومن حقنا أن نأمل ونعمل ونناضل من أجل حياة أفضل لشعبنا يستحقها.
إن الظروف اللاإنسانية التي عشت مرغما في ظلها طيلة ست سنوات قضيتها بالسجن المحلي السيئ الذكر بتازة، والتي تناقض بشكل صارخ أي إدعاء فارغ وكاذب عن أنسنة الوضع بالسجون في المغرب، أو عن تمتع المعتقلين بحقوقهم كإنسان فبالأحرى حقوق المعتقلين السياسيين، ومنهم الطلبة الذين يتابعون دراستهم في ظروف كهذه، هذه الظروف التي يعجز عن وصفها ومقاربتها أي تقرير، كانت ممارسة ممنهجة أتمت جرائم الاستنطاق تحت التعذيب وأطوار المحاكمة الصورية، ومن يفترض كيف ستتواصل بعد فرض إطلاق السراح والحصول على الحرية الجزئية في بلد يعم فيه القمع في حق الجماهير الشعبية وفي حق المناضلين لإسكات أي صوت مكافح مقاوم وتعميم الصمت وفرض الخضوع والامتثال للسياسات المفروضة من طرف النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي القائم ببلادنا، غير أن التعذيب والقمع والمؤامرات المفضوحة كتلك التي انتهجت في حق رفاقنا في النهج القاعدي بجامعة ظهر المهراز، والتي يقبع على إثرها العديد من رفاقنا في السجون، لن تزيدنا وتزيد الجماهير المناضلة إلى قناعة بضرورة تكثيف وتجدير الفعل النضالي الجماهيري، وتنويعه، باعتباره الحل الوحيد لمقاومة القمع وفضح المؤامرات والتشويهات الدنيئة للمناضلين ولمجابهة السياسات الطبقية المنتهجة في حق جماهير الشعب المغربي، والمراكمة نحو إنجاز مهام التغيير الجذري ببلادنا وبناء نظام وطني ديمقراطي شعبي كمهام مباشرة موضوعة أمام الشعب والحركة الثورية بالمغرب.
ولهذا فالقيود والزنازين سيطالها الصدأ والتآكل أما مبادئ الحرية فتبقى خالدة، وأختم بالنشيد الذي يقول:
فلا السجـــــن يوقفنــا والخطوب
ولا الموت يوقف زحف الشعوب
طغـــاة النظــام مضــــى عهدهم
وأذنـــت شمســهـم بـالغــــروب.
     

0 التعليقات:

إرسال تعليق